المغرب العربي والجزائر: مناخات مصالحة… هل يتحقق الأمل؟؟
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
تقدّم ملك المغرب بعرضٍ ودعوةٍ لتطبيع العلاقات بين البلدين العربيين الوازنين في شمال أفريقيا، والمفترض أنّهما عضوان في تشكيلاتٍ إقليميّةٍ عربيّةٍ وازنة، تشكيلاتٌ لم ترى النور إلّا على الورق وفي الفنادق من فئة السبعة نجوم ووسائط الاعلام ككلّ محاولات إنجاز خطواتٍ أو تجارب وحدوية عجّت بها العقود المنصرمة، لكنّ قوىً قهريةً كانت دائماً تقف بالمرصاد لتحول وتمنع أيّة خطواتٍ جدّية، ولعبت جامعة المستعربين التي خطّطها ونظّمها الاحتلال البريطانيّ لتعطيل أيّ جهدٍ عمليٍّ جدّيّ، واقتصار العلاقات بين القطريّات العربيّات المصنّعة في خدمة الاستعمار ومشاريعه للهيمنة على الاقليم وتدعيم الكيان الصهيوني وعلى قياساته..
أمرٌ لافت، فجهود – أو أقلّه رغبات – تطبيعية في عرب شمال أفريقيا ودعوةٌ للتصالح يطلقها الملك المغربيّ مع الجزائر بلد ثورة المليون ونصف المليون من الشهداء والتي برغم العواصف والانهيارت والتبدّلات لم تطلّق علاقتها بالشرق العربي وبفلسطين والشام التي أعزّها الله…
لسنا قادرين على الجزم، هل ستلقى الدعوة ترحيبا، وتتحقق فرصتها ليصير للعرب تجربةٌ قاطرةٌ مسنودةٌ بمعطياتٍ ووقائع تدلّ على مدى أهمية التصالح والتطبيع والعمل المشترك الجدّي، أم أنّ عناصر كثيرةً ومنها حجم الهيمنة الامريكية الاسرائيلية الاوروبية في إقليم الشمال الأفريقي ستنجح بالتعطيل..
ويبدو أنّ الأجوبة على الأسئلة: “ما الحوافز، ولماذا الآن، ولماذا تعطلت المحاولات السابقة؟؟” يمكن أن نضبطها بالتالي كمعطياتٍ تصلح لأن تكون مؤشراتٍ مستقبليةً في حال عرب شمال أفريقيا وآسيا وأفريقيا قلب العالم وعامود استقرار الكون…
المغرب في أزمةٍ اقتصاديةٍ عميقة، وفي حراك الريف، وتتوسّع مناطق وقوى الحراك، وتتأزّم عمليته السياسية وتتعطل تشكيل الحكومات والتوافقات، وستزداد الأزمات وتتعمّق مع تراجع قدرات الاسرة السعودية على الاسناد والدعم وشراء الولاءات، كما في الاردن وأخواتها الممالك المأزومة والفاقدة لأدوارها الوظيفية..
الجزائر في أزمةٍ سياسيةٍ عميقةٍ وجذورها في أزمةٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ، ويجري العبث بوحدتها الوطنية، وتتركّز جهود الغرب على تفكيكها ومحاولة تجريب مشروعاتٍ أحبطتها الشام لجهة تفكيك المفكّك وإعادة إنعاش الهويّات ما قبل التاريخ وإثارة صراعات مناطقية أو عشائريّة أو جهويّة، والانتخابات الرئاسية مأزومة حتى داخل الفريق الواحد والحزب الواحد…
نعم، هي حقائق التاريخ والأزمنة، فالملكيّون والرؤساء والجماعات والبشر يتحركون ويهتدون إلى الطريق الصحيح تحت الأزمات، وعندما تقترب السكّين من العنق وعند افتقاد المخارج التقليدية..
لم يتحرّر عنترة من عبوديته إلّا عندما لاحت هزيمة بني عبس، فقال له عمّه: كرّ فأنت حرّ، ولم تتحرّر النسوة وقبلهم العبيد في أمريكا وأوروبا قبل أن احتاجتهم النظم والقوى المهيمنة في حروبها وما بلغته من تدمير…
إذاً، نحن تحت ضغط الأزمات وخطر انهيار نظم وجغرافيا سايكس بيكو، حيث ما زالت تقوم دويلاتها الوظيفية قد نكون أمام مسارات جديدة، وبكل حال كل جهد للتصالح والتطبيع بين العرب ولو كانوا نظماً وملوكاً وأمراء و / أو جمهوريين، يفيدنا بأنّ زمن العروبة يعود، والمطلوب تجديد وعصرنة مشروعها وخطابها…
وربما المفارقة الدّالة أنّ ممالك ومشيخات الخليج تستعجل التطبيع مع الكيان الصهيوني في حين أنّ عرب أفريقيا وشمالها يلوذون بالتصالح فيما بينهم بعد أن فرغت جعبتهم من الرهانات على التصالح مع الكيان الغاصب والإتكال على الغرب المستعمر..
فأن تأتي متأخراً، ولو بالقول والتصريح، خيرٌ من ألّا تأتي أبداً!..