عون في موسكو… زمنٌ جديدٌ للبنان ومكانته
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
زيارة الرئيس عون الى موسكو والاحتفالية باستقباله وتكريمه، وما قيل فيها، واللقاءات التي عُقدت، تَشي بأنّ أمراً مهمّاً يجري في لبنان والشرق العربي، ويضاف الى الاهمية الكبرى للزيارة الزمن الذي وقعت به، وما يُعَدُّ للبنان من مخططاتٍ بعد فشل زيارة بومبيو والتهديدات الامريكية بتفجيره وتأزيمه خدمةً لنتنياهو وكيانه وأزماته المتناسلة والتي صبّ صاروخ غزة زيتاً على نارها التي قد تلتهب في أيّة لحظة وإن هدأت قليلا فذلك لإتمام الانتخابات المبكرة للكنيست ليُبنى على نتائجها الكثير من الاحتمالات المستقبلية.
والزيارة أيضا تقاطعت مع زيارة نتنياهو لواشنطن وتوقيع ترامب “وريقته” عن الجولان وتطويبه لنتنياهو، وبفعلته أثار عاصفةً كبيرةً اتفقت على القول: إنّه يهب ما لا يملك لمن لا حقّ له ولا يستحقّه أبدا.
في موسكو كرّر الرئيس عون مقولاته التي التزمها منذ خروج سورية من لبنان: المقاومة حقّ، وحزب الله جزءٌ من المكوّنات الاساسية للشعب والدولة، وحقوقنا سنستعيدها، وأضاف أمراً هامّاً عندما تحدث عن المقاومة الاقتصادية إشارةً الى أنّ القرار بات محسوماً فلن يقبل لبنان ولن تمرّ محاولات امريكا وخزانتها بتشديد الحصار على حزب الله والمقاومة وشعبها، ولبنان الرسميّ لن ينخرط – وإن فعلتها جمعية المصارف فلن تجد من يحميها أو يؤمّنها وكذا الامر بالنسبة للمصرف المركزي والحاكم الذي بات تحت المراقبة وربما المساءلة عن التلاعب بأرقام حسابات المصرف، وكيف تنفق الاموال ولماذا تتركز السياسات في الهندسات المالية لتأمين المصارف بأرباحٍ خياليةٍ على حساب الموازنة العامة والانفاق الاستثماري…
فالعلاقات الروسية اللبنانية ليست بجديدة، وقد بدأت منذ القرن السابع عشر والثامن عشر، وشهدت بيروت سيطرةً للبحرية الروسية أيام كاترينا العظيمة التي أوقفت الحروب وأعادت نصب أجراس الكنائس ومنعت فرزاً وتهجيراً للمسيحيين، واستمرت على طول الايام وصولاً لاعتراف روسيا بالاستقلال اللبناني واستخدام الفيتو ضد البريطاني والفرنسي، واستمرت المحاولات الروسية بإقامة أفضل العلاقات، بيد أنّ الطبقة السياسية والدينية حاولت وتمنّعت ومنعت التفاعل بذرائع مختلفة والاهم بينها مدى النفوذ الامريكي والغربي وانخراط السلطة والطبقة السياسية في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي، ولم تبخل روسيا بالمنح الدراسية وعرض منح السلاح على الجيش ومن قبل للحركة الوطنية اللبنانية…
انتهى زمن الهيمنة الامريكية العالمية وفي الشرق العربي، وأفصحت أمريكا أنّها المسؤول الاول عن الغزوات الاسرائيلية للبنان، وأنها الحامي لـ “إسرائيل” والمقاتل معها وعنها، وتثبّت الجميع من أنّ ترامب وفريقه يعمل لنتنياهو ويؤمّنه حتى في اللحظات العصيبة من حملته الانتخابية وصولا لإعطائه وريقة الاقرار الامريكي بضم الجولان العربي السوري، وبجهود الخارجية بشخص وزيرها ونوابه في محاولات تهديد لبنان والضغط لمحاصرة المقاومة وابتلائها ولبنان بالأزمات الاقتصادية تخديما لـ “إسرائيل” ونتنياهو…
بيد أنّ الجنرال القائد الذي كسر المحرمات مراتٍ، وقاد بثباتٍ ومستقبليةٍ مشروعه في التفاهم مع سورية والتحالف مع حزب الله ودفع ثمن باهظاً ولم يتغير، هو اليوم يقدم على خطوةٍ بذات السويّة والتاريخية النوعية عندما يذهب الى موسكو عنوةً عن الارادة الامريكية وعنوةً عن أزلامها في لبنان وسلطاته ويقرر أنّ الانفتاح وصولا الى حدّ التحالف مع موسكو هو أولا وأخيرا مصلحةٌ لبنانيةٌ ويتمّها بأفضل ما يكون…
غداً يومٌ آخر، فموسكو باتت عند الرئيس أقرب من واشنطن وباريس، ودمشق في اليوم التالي، ومن لا يعجبه فليشرب البحر، فالزمن أصبح زمن المقاومة، والسيادة اللبنانية محميةٌ بسلاح المقاومة وبرجال الجيش وبحكمة وجرأة فخامة الجنرال.