الجلاء والجولان المحتل
تأتي ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية كل عام حاملة معها دلالاتها المميزة مفعمة بالوطنية والتعلق بالأرض والإصرار على صيانتها وتقديسها والدفاع عن الاستقلال بكل جوانبه ببذل المزيد من الدماء في الذود عن حياض الوطن.
ذكرى الجلاء هذا العام جاءت بعد متغير بالغ الخطورة يجب ألا يمر ببساطة وهو الاعتراف الأمريكي بما يسمى «ضم» الجولان السوري المحتل إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي وما يترتب عليه من إرهاصات بسبب تجاهل الإدارة الأمريكية شرعة الأمم وحقوق الشعوب والوقوف إلى جانب الباطل وتجاهل الإرادة والإجماع الدولي وضرب عرض الحائط بكل المواثيق الدولية.
ترامب قبل أن يقرر الاعتراف بـ«الضم» أخذ «درساً سريعاً في التاريخ» حسب زعمه من أحد الصهاينة لكنه بالتأكيد تجاهل الحقائق الواقعية ورسم له تاريخاً من الكذب والخداع ليس موجوداً في أي كتاب أو سيرة تاريخية حتى في أفلام الخيال العلمي.
ترامب لم ولن يعلم أنه منذ قدم التاريخ والمنطقة العربية عموماً وسورية الطبيعية خصوصاً تتعرض للغزو والاحتلال من الدول المحيطة بها وتنهض من جديد تنفض عنها غبار الجهل وتنطلق في رحلة الحضارة لتصدر العلم والمعرفة إلى أنحاء الأرض.
كما لا يعلم ترامب أن سورية نهضت ونفضت عنها الانحطاط والقهر والجهل والاعتقال بعد 400 عام من الاحتلال العثماني البغيض ثم طردت المستعمر الفرنسي ذليلاً مقهوراً بعد نحو 26 عاماً من مؤامرة عصبة الأمم على المنطقة.
هل يعلم ترامب أن المغول قدموا إلى هنا وخربوا كل مظاهر الحضارة التي كانت تصدر للشرق والغرب وبعد ذلك اغتسلت هذه الأرض بمياه دجلة والفرات والعاصي واليرموك ونهضت من جديد.
ولن نعود إلى العهود القديمة وغزوات الرومان والبيزنطينيين وغيرهم وكل الشعوب التي كانت تطمع في ثرواتنا وموقعنا بل هناك حقائق يجب أن تدرس جيداً من الطامعين المتآمرين بأن الشعب الذي مرت عليه كل هذه الأهوال وتعرض لكل هذه الخيبات من الغرب لن يقف عند «قرار» أرعن لشخص أحمق جلس في مرحلة ما على كرسي الباطل بل سينتفض ويغسل العثرات بالإرادة والصمود والمقاومة وبمساعدة الشعوب العريقة المتأصلة في المنطقة وسيظل الجولان عربياً سورياً وسيتحرر من الاحتلال الإسرائيلي كما ستتحرر فلسطين ولو طال الزمن.
صحيفة تشرين
بقلم.. جمال ظريفة