الحكومة اللبنانية تقر موازنة تقشف… على من تقرأ مزاميرك؟
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
أقرت الحكومة اللبنانية الموازنة بعد تأخير يجعل اقرارها وارقامها ليست ذات شأن فعلي، فالقانون والدستور يلزم الحكومات ومجلس النواب بإقرار الموازنة قبل بداية السنة ليصبح الانفاق بناء على بنودها، فبعد خمسة اشهر كاملة على انفاق الحكومة على القاعدة الاثني عشرية، اقرت الحكومة الموازنة والسنة أشرفت على الانتهاء، فأمام اقرار الموازنة نقاش في لجنة المال، ثم اللجان المشتركة، فجلسة مجلس النواب للإقرار…
وفي نتائج المناقشات الوزارية، ومع الشارع المتفجر والاضرابات والاعتصامات، اصرت الحكومة على مدّ اليد الى جيوب المواطنين الخاوية اصلا، ولم تقرر خطوات اصلاحية جدية من شأنها ان تؤمن حاجاتها، وترقد الاحتجاجات وتوفر على الموازنة أموالا طائلة مهدورة او مسروقة .
السؤال المحوري: لماذا الاصرار بين اركان الطبقة السياسية على اعفاء رؤوس الاموال الكبيرة، وسارقي المال العام، والاملاك البحرية، واعفاء الفاسدين والمبددين المثبت بالوثائق فسادهم ومصادر ثرواتهم، والتركيز على جيوب المواطنين واستهداف قطاعات بعينها، كالجيش والمؤسسات العسكرية والامنية والمتقاعدين، وتخفيض الرواتب بذريعة سحب التقديمات الاجتماعية والاعمال الاضافية وبدل النقل…
الجواب يشير الى اكثر من احتمال، فالاحتمال الاول ان الحكومة والطبقة السياسية تعرف ان لا فاعلية عملية للموازنة وانها مجرد ارقام تقليص العجز ونفخ الواردات لإقناع الدول والمؤسسات الدائنة بالاستجابة لشروط سيدر، فالعين على المليارات الموعودة والهدف مرة اخرى مراكمة الديون بمقابل تمويل الفساد والمفسدين، وان الموازنة عمليا لن تقر الا بعد زمن تكون مرت الايام وبدأت الحكومة مناقشة موازنة عام 2020..
والاحتمال الثاني، ان الطبقة السياسية تعرف حقيقة الازمة وعمقها وعنفها وعجزها عن المواجهة الفعلية، وعدم رغبتها اصلا بمعالجات جذرية للحؤول دون الانفجار، فقامت بما عليها وقررت ارقاما على الورق لا اكثر بانتظار ما ستؤول اليه الامور..
والاحتمال الثالث، ان تكون الطبقة السياسية مقتنعة بان واجب الشعب وخاصة الجيش والموظفين ان يدفعوا ثمن فسادها وسياساتها ونتائجها الكارثية وتدير الظهر للتحذيرات من مغبة انفجار اجتماعي لأنها تعرف شعبها واجهزتها وتثق بأن الانقسامات المذهبية والطائفية والعزوف عن المشاركة الشعبية في التحركات سيوفر لها فرصة تمرير هذه الاجراءات وتثبيتها استجابة لنصائح الدائنين وصندوق النقد الدولي .
بعيدا عما تفكر به الطبقة السياسية، وحقيقة ان ليس في همّها إلا تأمين سلطتها و ديمومتها وفرض المزيد من النهب والفساد، وهي ذاتها الطبقة وبرموزها من أورث وأوصل البلاد الى ما هي عليه وقد نجحت في خداع الناخبين مرة بعد مرة بوعود معسولة ولم تجد من يحاسبها “فالحيط الواطي يعلم الناس على الحرام” فأقدمت على فعلتها واثقة من انها ستحقق ما تريد.
في واقع الازمات وتجارب الشعوب، والدول، يعتبر تصرف الطبقة السياسية منطقيا فهي شبّت على هذه الممارسات وتشيب عليها ولن ترتدع من نفسها.
غير ان الامثال الشعبية لا تخطئ ايضا “فالقشة تقصم ظهر البعير” في السياسة والاقتصاد تعني ان لحظة تحول نوعي تطلق انفجارا عاتيا قد تكون بسبب اجراء يعتبر في ذهن البعض او أزمنة اخرى بوزن القشة..
الجديد ان الطبقة السياسية اطلقت النار على اقدامها، واستهدفت اركان النظام وحماته، وعصبه، فالجيش هو من يحميها ويحمي النظام ولبنان، ومتقاعدو الجيش هم الاكثر نشاطا وحيوية وحراكهم ليس ببعيد عن عين الجيش وقيادته وعلى الاغلب منسق معها وهذه اشارات خطيرة في زمن تتقدم فيها الجيوش بدل الطبقات السياسية وتقود الحرب على الفساد.
والموظفون في تاريخ الدول هم القوة الحامية للدولة والنظام فان يتحركوا يعني ان اقدام وعجلات النظام والطبقة السياسية في حالة عطب، والحكومة والطبقة السياسية هي من عطلتها..
الحراك قد يتصاعد ليبلغ ذروته بالفوضى وتصبح الفوضى المخرج والحل، والفوضى – كما يهدد ساترفيلد والمبعوثون الامريكيون – مطلب امريكي اسرائيلي فبعض الحراك والاعتصامات وقطع الطرقات ليس بريئاً.
حمى الله لبنان..