متى يقتنع حلفاء أمريكا وعملاؤها أنّها تنبح ولا تعض؟!
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
عناوين لافتةٌ تعجّ بها الصحافة الغربية والأمريكية وبعض الناطقة بالعربية، وكلها تقرأ في قرار ترامب الانسحاب من شرق الفرات السورية تاركاً كردها وعشائرها والمرتزقة لشأنهم، بل وقد حمّلهم ترامب “منّية” أنّه سلحهم وموّلهم وأسندهم، فليتدبّروا أمرهم، وكان قد سبق إشهار حقيقة أنّها تنبح ولا تعض كما كانت في لبنان وفلسطين والعراق واليمن والخليج.
تعيدنا العناوين إلى مقولاتٍ وأمثالٍ شعبيةٍ جاريةٍ عندنا لكننا نتجاهلها، بعضنا عن قصد وآخرون عن جهل، يقول المثل العربي القديم: “الكلب الذي ينبح لا يعض”، وفي البلدات وعند الرعاة هناك كلابٌ تسمى “الصنصل”، و”الصنصل” هو الكلب الذي تم خصيه لتتحول فحولته وقوته من جسده إلى صوته، وهكذا يكون صوته عالياً جدّاً، وصار المثل عن كلّ من يعلو صوته بأنّه “صنصل”.
أمريكا القديمة كانت تعضّ وعندما تم “خصيها” في كابول وبغداد وبيروت وكان أشدّ العمليات إيلاماً لها الردّ المتقن والساحق لإيران بإسقاطها درّة طيران أمريكا التجسّسيّ والمسيّر، واستعداد إيران للمواجهة، وانتصارها في حرب الممرات والناقلات، وبالضربة القاصمة في تعطيل إنتاج النفط السعودي واستهداف أرامكو، العملية التي كسرت ظهر أمريكا وردمت عنترياتها بل والتي وضعت الحد النهائي لزعمها بأنّها قادرةٌ أو تستطيع، وبذلك أسقطت كلّ الرهانات والاوهام على قدرة أمريكا أو استعدادها للوفاء بالتزاماتها أمام حلفائها، وتحقيق أحلامهم بأنها ستهبّ لنجدتهم أو القتال وخوض الحروب عنهم.
علماً أنّ الرئيس ترامب لم يخادع أحداً ومنذ حملته الانتخابية وهو يكرّر ويقول بلا ملل: أمريكا ترامب لن تبقى شرطي العالم ولا شرطي الشرق الاوسط، ولن تقاتل عن أحد إلّا إذا دفع، وإنهم عندما لا يدفعون لن يبقوا اسبوعا واحدا ولن تطير طائراتهم.
ترامب واقعيّ وعمليّ وتاجر، والحرب بحسب تعريف كلاوزفيتز ومنظّري الحروب أشبه بالعمليات التجارية، ولأنها على هذه الشاكلة، هو كتاجر صفقات يعرف أنّ أمريكا باتت تنبح ولن تعض، فأطلق مشروعه “أمريكا أولا” والانسحاب من العالم وإخلاء القواعد وعدم إعارة عسكرييها إلا لمن يدفع، وقرر نهاية العام المنصرم الانسحاب من شرق سوريا وقالها: ليس لنا ما نقاتل من أجله وليس فيها سوى الغبار والدمار، وبرغم أنه صريح وجريء ووصف حقيقة أمريكا وعجزها إلا أن عملاء أمريكا وادواتها ومنظريها والمهزومين العرب في عقولهم لم يصدقوه ولم يقتنعوا بجدّيته وما زالوا يراهنون على ضغط لوبي العولمة الامريكي المهزوم فيها وفي العالم على البقاء والقتال الى جانب أوهامهم.
بالأمس أعاد ترامب تصويب الامور وقالها مرة ثانية لأردوغان: أنا سأنسحب وافعل ما تشاء! في تحدٍّ صارخ لأردوغان ليكشفه ايضا على عطبه وازمات وعجز تركيا، فحالها ليس بأفضل من امريكا تجيد وتكثر الصراخ وبصوت عال جدا، وأردف ترامب قوله إنك إن ارتكبت خطأ فسندمر تركيا اقتصاديا.
ترامب انسحب من الحدود مع تركيا، وصفع الكرد من عملاء امريكا بحذائه، وأنذر أنظمة الخليج وممالك الرمال فيها، وخطوته صدمت “اسرائيل” كما قالت صحافتها، وفعلته توصف بأنها ضربة معلم في صراعه مع لوبي العولمة في امريكا ومؤشر على ما سيقوم به في كل الساحات وتأشير الى انه في سنة الانتخابات سيسعى لإنجاز كل وعوده الانتخابية وسيقدم على اي عمل ومن خارج الحسابات والسياسات التقليدية فليس له من همّ إلّا البقاء في البيت الابيض ولو على جماجم حلفاء امريكا وعملائها وادواتها في العالم ولو على جماجم الأمريكيين أنفسهم.
وعليه نسأل: من بقي يراهن على امريكا او يتوهم بانها ستهب لنجدة عملائها وأدواتها… ماذا ستفعلون وأمريكا ببساطة خلعت الكرد من المتأمركين وهي معتادة ان تخلع احذيتها وتلقيها في مزابل التاريخ عندما تقرر الهروب من الازمات.