“إسرائيل”: السعودية ضعيفةً وخائبةٌ من واشنطن وتبحث عن بدائل لفكّ الـ”شراكة”
زهير أندراوس:
قالت مجموعةٌ من كبار الباحثين والخبراء في مركز أبحاث الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابِع لجامعة تل أبيب، قالوا في ورقةٍ بحثيّةٍ جديدةٍ أصدرها المركز أنّ ما يُحكى عن محادثاتٍ تجري بين المملكة العربيّة السعودية والجمهوريّة الإسلاميّة في إيران يُمكِن أنْ يُشير إلى ضعف المملكة السعوديّة، كما أكّد الباحِثون في الدولة العبريّة.
وجاء أيضًا في الدراسة، التي أشرف على إعدادها الباحِث د. يوئيل غوجانسكي، وزميلته سيما شاين، المسؤولة السابِقة عن شعبة الأبحاث في جهاز الموساد الإسرائيليّ (الاستخبارات الخارجيّة) جاء أيضًا أنّه لكلّ تغييرٍ في العلاقات بين السعودية وإيران يوجد تأثير على كيان الاحتلال الإسرائيليّ، الذي اعتمد على مصلحته المشتركة مع دول الخليج مقابل إيران كقاعدةٍ مشتركةٍ معهم، حتى وإنْ لم تكن علنيّةً، وذلك كجزءٍ من تحسين العلاقات مع الدول العربيّة في مسائل أخرى، من بينها الحرب على تنظيم (داعش) الإجراميّ-الإرهابيّ ومُعارضة جماعة (الإخوان المسلمين) وحركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس) في فلسطين، كذلك أيضًا الحفاظ على علاقاتٍ خاصّةٍ مع الولايات المتحدّة الأمريكيّة.
وأضاف المركز في ورقته البحثيّة قائلاً إنّه فيما يتعلّق بالهجوم الذي نُسِب إلى إيران على منشآت الطاقة السعودية في 14 أيلول (سبتمبر) الماضي، يقول المسؤولون إنّ فقدان الرد الأمريكيّ أوْ الأوروبيّ، اثبت للرياض أنّها لوحدها مقابل إيران، مشيرين في الوقت ذاته إلى أنّ الرياض امتنعت بشكلٍ مُباشرٍ عن اتهام إيران، بل فضلّت التشديد على أنّ الهجوم ألحق أضرارًا خطيرة في سوق الطاقة العالميّ، بحسب دراسة معهد الأمن القوميّ الإسرائيليّ.
وتابعت الدراسة قائلةً إنّه لا شكّ بأنّ الهجوم على المنشآت النفطية السعودية كان مُعدًا، ليس فقط في الجانب العسكريّ، بل أيضًا في الجانب الدبلوماسيّ، مُشدّدّةً على أنّ السعودية أدركت أنّها لا تملك أيّ دعمٍ أمريكيٍّ أوْ أوروبيٍّ في الحرب مع الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران.
المقال الذي نشره معهد أبحاث الأمن القوميّ، التابِع لجامعة تل أبيب، والذي يُعَّد من أهّم مراكز الأبحاث في الكيان التي تؤثِّر على صُنّاع القرار في تل أبيب، لا يُناقِش بعمقٍ انعكاسات الاتفاق العلني أوْ السرّي بين الرياض وطهران، بل يحدد أنّه يتعيَّن على الدولة العبريّة الاستعداد لوضعٍ تضعف فيه المملكة العربيّة السعوديّة، وهو برأي الدراسة الإسرائيليّة، تطوّر مدلوله سيكون أنّ الصراع ضدّ إيران سيتراجع بشكلٍ كبيرٍ، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ العجز الأمنيّ في المملكة العربيّة السعوديّة قد يؤدّي مع مرور الوقت إلى زيادة استثمارات إيران في الأسلحة المُتقدّمة، ممّا يزيد من دافعها لاكتساب القدرة النوويّة العسكريّة، على حدّ تعبير الدراسة.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، يرى الباحِثان، اللذان أشرفا على الدراسة الجديدة، أنّ سلسلة مؤشّراتٍ تؤكّد بما لا يدعو مجالاً للشكّ على وجود جهودٍ مُتبادلةٍ بين إيران والمملكة العربيّة السعوديّة لتحسين الأجواء بينهما، وفضّ التوتّر القائِم، كما أنّ المؤشّرات، شدّدّت الدراسة الإسرائيليّة، تؤكّد على استعداد طهران والرياض لحلّ الخلافات بينهما عن طريق المُباحثات والمُفاوضات، أيْ أنّهما لا ترغبان بأيّ شكلٍ من الأشكال اللجوء إلى خيار الحرب لحلّ المشاكل العالِقة بينهما، على حدّ تعبير الدراسة.
عُلاوةً على ذلك، لفتت الدراسة الإسرائيليّة إلى أنّ هذا التطوّر الجديد يجري على الرغم من الهجوم المنسوب لإيران على المنشآت النفطيّة السعوديّة، التابِعة لشركة (أرامكو) في الرابع عشر من شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، هذا الهجوم الذي أدّى إلى تعطيل مؤقّتٍ لنصف منتجات النفط بالمملكة السعوديّة، مُضيفةً أنّ إيران أثبتت بشكل لا لبس فيه بأنّه حتى لو أنّها ليست معنيّةً بحربٍ شاملةٍ في منطقة الشرق الأوسط، فإنّها على استعدادٍ للمُخاطرة والمُجازفة أكثر، لعلمها ويقينها بأنّ المملكة العربيّة السعوديّة والولايات المًتحدّة لن تقوما بالردّ العسكريّ على “استفزازاتها”، على حدّ تعبير الدراسة الإسرائيليّة.
وشدّدّت الدراسة أيضًا على أنّ الهجوم المنسوب لإيران أكّد للرياض بشكلٍ واضحٍ أنّ واشنطن ليست معنيّةً بتاتًا في خوض مُواجهةٍ عسكريّةٍ ضدّ إيران، على الرغم من أنّ الهجوم المنسوب للجمهوريّة الإسلاميّة مسّ مسًّا سافِرًا بالمصالِح الإستراتيجيّة للولايات المُتحدّة بالشرق الأوسط، وبالتالي رأت الدراسة الإسرائيليّة أنّه إذا وقع التحوّل في العلاقات الإيرانيّة-السعوديّة، فإنّه لن يكون عميقًا ولا طويل الأمد، ذلك أنّ الأسباب التي أدّت إلى العداء بينهما ما زالت قائمةً، وأنّ التطورّات المُتغيِّرة بالمنطقة هي التي تدفع الرياض وطهران إلى تخفيف حدّة التوتّر بينهما، كما أكّدت الدراسة الإسرائيليّة.
وأشارت الدراسة إلى أنّ واشنطن على علمٍ بالمُباحثات المُفترضة بين السعوديّة وإيران، وأنّ وظيفتها في هذا الحوار هي مركزيّة ومفصليّة، ولكن على خلفية خيبة الأمل في المملكة من عدم الردّ العسكريّ الأمريكيّ على إيران، بالإضافة إلى الضغوطات في الكونغرس ضدّ المملكة وقضايا أخرى، دفعت السعوديّة إلى البحث عن بدائل وفُرصٍ أخرى تكون مُرتكزةً على عدم التبعيّة للولايات المُتحدّة، علمًا أنّ الإدارة الأمريكيّة والرئيس ترامب شخصيًا يدفعان باتجاه إجراء مُفاوضاتٍ مُباشرةٍ مع إيران، كما قالت الدراسة الإسرائيليّة.