أمريكا والحراك الشعبي… لا يصلح العطار ما أفسده الدهر…
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
أمريكا تهزم مرة بعد مرة ولا تستلم، وتحاول ثم تعيد الكرة مرة ثانية وبوسائل أخرى ومختلفة، وتهزم، فتعيدها بعد تنظيم قواها وزجّ ما تبقى لها من عناصر مهما كانت صغيرة وغير ذات جدوى، ومنطقها أن “الحرتقة” تفيد والاستنزاف – ولو إعلاميّاً – لا يضرّ، وهي بكل حال تقاتل بأدوات وتمويل من غير “كيسها” ولا فرق عندها إن سقطت تلك الأدوات دون فائدة تذكر ولم تنجح، فكلّ ما تسعى إليه هو إشغال الساحات وإرباكها وحرمان حلف المقاومة والأحلاف المعادية لها من فرص الاستثمار بهزائم أمريكا وإشغالهم في بيئتهم والسعي لتدمير ما أمكن من عمرانهم وقدراتهم واستهلاك أزمنتهم وإرباكهم.
أمريكا تعرف جيدا أنّها مهزومة في الشرق العربي وكل معطيات الواقع تؤشر إلى ذلك، وهي اعترفت وعلى لسان نخبتها ورئيسها، وتدرك جيدا أنّها فشلت وهزمت في آخر المعارك والمواجهات كحرب الممرات والناقلات وفي اليمن وسورية، وفي فلسطين في اخر الجولات التي افتعلها نتنياهو لتأمين نفسه في “إسرائيل” ولمحاولة الاستثمار بانشغال المقاومة في الازمة العراقية واللبنانية، وبرغم كل ذلك ووضوح اختلال ميزان القوى وانقلاب التوازنات إلّا أنّ أمريكا لا تسلم ولا تستسلم ولن تقبل الهزيمة إلا مباغتةً وصاعقة كما قبلتها من قبل في فيتنام وجنوب شرق آسيا، عندما خرج جندها وسفيرها بطائرة مروحية مهرولين.
ففي لبنان، ما زال لأمريكا أدوات وبعض ذخائر، وكذلك في العراق، وتحاول في إيران الاستثمار في الازمات الاقتصادية ومفاعليها الاجتماعية وجلّها من صنع أمريكا وحصاراتها وتآمرها وتدميرها للاقتصادات الوطنية، خاصة في لبنان، حيث هي متمكنة عبر ادواتها في المصرف المركزي وجمعية المصارف وفي السلطة وفريق 14 آذار الشريك في التسويات، وفي العراق التي تقبض على روحه وحراكه الاقتصادي وعلى توزيع أنصبة الفساد والعطاءات في الموازنات.
ولأنها في طور الهزيمة والتراجع والانشغال في أم معاركها الفاصلة وعلى موعد قريب من الانتخابات الرئاسية الشغل الشاغل للوبيّاتها، قررت إشغال حلف المقاومة وأوراسيا بسلسلة من الازمات الإرباكية ففجرتها في لبنان والعراق وفي باكستان كما حاولت في الكويت، وضربت ضربتها في أمريكا اللاتينية، وأنتجت انقلابا على السلطة الشرعية والرئيس المنتخب في بوليفيا، وها هي تكرر المحاولة في فنزويلا كما افتعلت مشاكل للصين في تايوان.
عدّة أمريكا الجديدة هي الحرب الناعمة ووسائل الإعلام وثورة “الملتيميديا”، والشوارع والمنصات التي تشغلها أدواتها من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الغير حكومية المعروفة توجهاتها وداعموها ومتفرعاتها، ومن بقايا الميليشيات وقطاع الطرق من فارضي الخوّات وترهيب المواطنين على ما جرى ويجري في لبنان والعراق.
بيد أنّ الواقع والحقائق وموازين القوى كلها تشي وتقطع بأنّ جهود أمريكا الأخيرة ومحاولاتها لن تحقق لها ما أرادت وما ترغب، فميزان القوى حسم وبصورة نهائية وأبدية في غير صالحها وأقرب الشواهد مآلات معركة غزة التي أربكت الكيان الصهيوني وهزّته برغم أنّ حركة الجهاد الإسلامي لم تستخدم إلّا بعض قوتها، ولا هي زجّت كل فصائل المقاومة بما لديها من رجال وسلاح…
وكما انتهت جولة غزة على انكشاف “إسرائيل” وعجزها، كذلك مصير محاولات الاستثمار في الازمات الاجتماعية والاقتصادية في لبنان والعراق وإيران، فزمن قدرة امريكا وحروبها الناعمة قد انتهى أيضا، وإنّ غداً لناظره قريب.