Featuredالتحليل اليومي

وأمريكا أيضاً ستضربها الفوضى البنّاءة…

هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة

بينما العالم بقارّاته المختلفة يعيش حالة اختلاجٍ ومخاضٍ أشبه بفوضى عالمية، لا يبدو أنّ نهاياتها قريبةٌ بالقدر الذي تشير إليه المعطيات أنها ستكون مديدةً ويطال الحريق مجمل القارات وتشكيلات الجغرافيا والنظم العتيقة التي ترسخ معظمها بناتج الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الباردة، والفوضى لا تضرب فقط ما كان يسمى ببلدان العالم الثالث أو النامية، بل تجتاح أوروبا وتهدد الأمريكيتين، فبريطانيا في أزمة عميقة غالبا لن تخرج منها بيسر، والاتحاد الأوروبي كاتحاد وكدول وطنية مضطربة وتجتاحها أعمال الحراك وأحيانا العنف والقمع كما في استمرار حراك فرنسا للسترات الصفر، وتحفّز معظم الدول لأزمات مالية واقتصادية واجتماعية تسعّر من الاضطرابات، وما زالت القوى المهيمنة اقتصادياتها ولوبياتها ومؤسسات الخبرة والدراسات يحذرون من أنّ العالم على عتبة أزمة انهيارية ستضرب بنمط الاقتصاد الليبرالي الذي اجتاح الكرة الأرضية وهيمن على أغلب الاقتصاديات العالمية تعميما للنموذج الليبرالي الأمريكي المتوحش والموبوء والمأزوم الى حدود الكارثة المرتقبة وغالب الدراسات تتوقع أن يبدأ الانهيار من رأس الهرم المتداعي أصلا.

وفوق كل هذه المعطيات المادية تنشغل الادارة الامريكية ومجتمعها بأزمة قد تعصف في أيّة لحظة، فإجراءات مجلس النواب الامريكي لعزل ترامب قد اقتربت من رأسه، ولوبي العولمة والحروب فيها لن يدخر فرصة إلا ويحاول الاطاحة به وإضعافه قبل أن يستعيد شعبيته في الحملة الانتخابية، بينما يبدو ترامب وفريقه في حالة أزمة عميقة، وتكرّ سبحة الاستقالات والإقالات، وفي الطريق يبدو أول الضحايا بومبيو وزير خارجية ترامب…

أمريكا قررت وهي تهزم وتنحسر، وينتفض العالم في وجهها باعتبارها قائدته والمهيمنة وقد أفقرته بنهمها للاستهلاك والاستدانة والانفاق على الحروب، ألا تترك ساحة أو بلدا أو منطقة دون تخريبها بما أمكنها من ذلك، وتتصرف على قاعدة “عليّ وعلى أعدائي يا رب” مفترضةً أنها لن تخسر بل ستوفر لنفسها فرصة أخرى لتعود بوسائط ووسائل جديدة عندما تؤمن نفسها.

إلا أن الزمن وحقائقه وحاجاته سيقول كلمته المدوية والأكثر فاعلية: ليس لأمريكا بعد الآن إلا الانحسار والانغلاق على نفسها، وغالبا لن تنجو مما أرادته لشعوب العالم، والقول يبقى صحيحا “من حفر حفرة لأخيه وقع فيها” فكيف بمن حفر حفرة للعالم وشعوبه أجمع..   

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى