لبنان: آخر حكومات نظام المحاصصة… هل تنجح أم تفتح البلاد على تغيير شامل وعميق؟
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
من المرّات النادرة التي ينجح فيها لبنان بإنتاج طبخةٍ حكوميةٍ من نواتج لبنانيةٍ دون تدخلاتٍ خارجيةٍ مباشرةٍ وسافرة، وهذه ميزةٌ لا بدّ من الاعتراف بها! وميزات أخرى لها ستفاخر بها الأجيال بحصتها النسائية وبسبق أن تكون سيدةٌ وزيرة دفاع.
ولها رئيس حكومةٍ وعددٌ من الأعضاء أصحاب تخصّصاتٍ علميةٍ مرموقةٍ ومن صنف الخبراء، وجلّهم من خارج العائلات التقليدية التي حكمت لبنان وتحكّمت بمفاصل الدولة والوزارات وتعاملت معها على أنّها ملكها ومزارعها يمنع أحدٌ من الاقتراب منها.
والأهمّ أنّ رئيسها الذي سمي بالصدفة أو هرباً من لحظةٍ كاسرةٍ أُعدِّت ككمينٍ للاستشارات، أثبت صلابته وقدرته على التحمل والمناورة، ونجح بأن أصبح من رتبة رئيس حكومةٍ من خارج العائلات التقليدية… وبرغم اعتراض مراكز وجماعات طائفية وبحكومة عشرينية أغلب أعضائها أسماء جديدة في الحياة السياسية والحكومية.
والحقّ يقال، إنّ بصمات حراك ١٧ تشرين كانت حاضرةً وبقوةٍ في استشاراتها وحوارات التأليف، وفي انتقاء الأسماء ومواصفاتهم وخاصّةً الكتلة النسائية، فلولاها لما نجح المكلف بالتأليف على هذه الشاكلة.
حكومةٌ لها الكثير من الميزات، لو جاءت في أزمنة أخرى لكانت من العلامات الفارقة والنتاجات التي يفاخر بها اللبنانيون وأجيالهم الصاعدة.
إلّا أنّها تشكّلت في ظرف حراكٍ شعبيٍّ متعدد التوجهات والأهداف، وفي قلب أزمةٍ عاصفةٍ وحالة إفلاسٍ موصوفةٍ، ما يجعلها تقف على مفترقٍ قاسٍ: فإمّا تسقط سريعا بالعجز عن تلبية حاجات اللحظة السياسية التي لا تُعالَج إلّا بإجراءاتٍ وبرامج صارمةٍ وسريعة الايقاع في التقرير والتنفيذ وفي جذريتها، ولا يبدو أنّ الحكومة جادّةٌ أو قادرةٌ على اتخاذها بحسب تصريحات رئيسها وأعضائها وكونها محكومةً بتوازن مصالحٍ خفيٍّ وبتوافقاتٍ خلف الستارة ليست مختلفةً كثيراً عمّا كان يحكم تأليف الوزارات القديمة.
وإذا تلكّأت أو ماطلت أو انشغلت بتباين مكوناتها، فلن تصمد طويلاً لتسقط شرّ سقطة، فالزّمن يتسارع والجوع يقرع الأبواب، والقوى التي خرجت من جنة الحكم تعدّ عدّتها للانقضاض، والمؤامرة الامريكية تشهر سواطيرها وتضعها على المشرحة.
في أزمنة الأزمات لا مكان للاستعراضات أو اللعب وكسب الوقت .
الحكومة اللبنانية أطلّت بوجهها الجميل، ومطلوبٌ منها أفعالٌ أجمل وبسرعةٍ قصوى، لا استعراضات، وإن عجزت بالأفعال فلا تحميها الاقوال ولا يشفع لها جنسها اللطيف.