فارس الخوري وعبد الناصر والوصّي الأمين
فارس الخوري وعبد الناصر والوصّي الأمين
بقلم الاعلامي شوقي عواضة
لم نقرأ في تاريخ الشعوب ان مقاومة الإحتلال تحتاج الى تشريع
ولم نجد في منهجيات ثورات الاستقلال والسيادة ان السلاح الذي يحّرر الأوطان ويحمي الانسان يحتاج الى اجماع والشواهد على ذلك كثيرة اقرار الأمم المتحدة الحق لجميع الشعوب في تقرير المصير بموجب قرارات دولية صدر اولها في 14/12/1960 يحمل الرقم 1514.
ولو اجرينا قراءة سريعة لتاريخ حركات المقاومة والتحرر في العالم لوجدنا انه ما من مقاومة انتصرت الا وحكمت البلاد من المقاومة الفرنسية الى الفيتنامية والجزائرية والمصرية والسورية وغيرها من حركات المقاومة التي قد تختلف دينيا او عقائديا او استراتيجيا انما على مستوى المقاومات العربية والاسلامية يبقى عامل اساسي ومهم وهو وحدة القضية المركزية والهدف التي تجمع جميع الفصائل والمكونات العربية والاسلامية باختلاف اديانها ومذاهبها الدينية والسياسية على التوحد في قضية فلسطين .ويشهد على ذلك تاريخ اللأمة الحافل بمسيرة رجال وهبوا انفسهم من اجل المقاومة .
من اؤلئك الرجال الشيخ فارس الخوري ابن بلدة الكفير اللبنانية قضاء حاصبيا وهو المسيحي الذي كان اول المقاومين للاحتلال الفرنسي لسوريا .
فعندما احتلت فرنسا سوريا حاولت استمالة المسيحيين، فأبلغه الجنرال غورو بأن فرنسا جاءت لحماية المسيحيين في سوريا، فكان رد الخوري على الجنرال الفرنسي المحتل بالتوجه للمسجد الأموي يوم الجمعة وصعد المنبر وقال مخاطبًا المصلين: (إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي أطلب الحماية من شعبي السوري، وأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله)، رد الخوري اشعل الشارع السوري بالمظاهرات وهم يحملونه على الأكتاف مطالبين بطرد الاحتلال الفرنسي .
رد اثار غضب المحتل الفرنسي ودفعه لملاحقة الخوري الذي لم يثنيه عن استكمال عملية المقاومة ارهاب المحتل الفرنسي.
تلك هي منهجية الأحرار والشرفاء التي صنعت العزة للشعوب والأوطان هي لغة الأقوياء والمنتصرين وابجدية الإباء التي صاغها الشيخ عز الدين القسام في فلسطين وعمر المختار في مواجهة المحتل الايطالي لليبيا واساطير الأبطال التي خطتها دماء شهداء المقاومة الجزائرية وبذور ثورة مصر جمال عبد الناصر حين اعلن بأننا سوف نعود الى القدس وسوف تعود القدس إلينا ولسوف نحارب من أجل ذلك , ولن نلقي السلاح حتى ينصر الله جنده ويعلي حقه ويعز بيته ويعود السلام الحقيقي إلى مدينة السلام .
عبد الناصر الذي كان اول زعيم عربي دعم الثورة الاسلامية في ايران منذ انطلاقتها بالمال والسلاح والتدريب وفتح للمعارضة الايرانية اذاعة باللغة الفارسية في القاهرة لمواجهة شاه ايران حليف الكيان الصهيوني والغرب الاقوى فهل كان عبد الناصرغازيا سنِياً او يقود حرباً عربية على ايران ؟ بالطبع لم يكن كذلك لأن عبد الناصر المسلم المصري السني والعربي بامتياز كان مقاوماً ومقاتلاً من اجل الأمة ومن اجل فلسطين يحمل المقاومة عنواناً انسانياً لخلاص الشعوب .تلك المقاومة هي ميراث الشرف الذي يتوارثه احرار الأمة بتعدد هوياتهم واختلاف عقيدتهم تبقى المقاومة دينهم ومذهبهم وجامعتهم وبوصلتهم نحو تحرير فلسطين .
تلك المقاومة التي اضحت امانة الشهداء والجرحى والأسرى هي مقاومة طلائع المناضلين في زمن الردة النائبين السابقين نجاح واكيم وزاهر الخطيب وهي مقاومة حبيب الشرتوني الذي اعاد لبنان الى الزمن العربي وهي سلاح الأمة الذي اوصى بالتمسك به الامام موسى الصدر والمطران كبوجي وهي وديعة الشرفاء والأحرار ووصيتهم للوصّي الأمين على الوطن والدماء سماحة السيد حسن نصر الله الذي كان حاسما منذ بدايات سعي الامريكيين والصهاينة لنزع السلاح من خلال بعض ادواتهم في الداخل معلناً (ان اليد التي ستمتد الى سلاح المقاومة ستقطع) ذلك السلاح الذي لن يسقطه شذاذ الأفاق وادواتهم رغم تآمرهم ومحاولة مذهبة المقاومة والتحريض على سلاحها نقول لهم ولمن حاولوا زج المقاومة بفتن دينية وطائفية ان مقاومتنا التي هزمت اعتى جيش في المنطقة والتي حررت الوطن من الاحتلال الاسرائيلي والارهاب التكفيري هي عابرة للطوائف والاديان والمذاهب وهي اكبر واجّل واسمى من موآمرتكم وكل من يحاول زج المقاومة بشعارات طائفية ومذهبية فهو والمطالب بنزع السلاح سوآ بل واكثر سوأً ويجب محاكمته ومحاكمة كل من حرض على المقاومة باستثارة الشارع بشعارات مذهبية وشتائم ليست من ادبيات واخلاق المقاومين الشرفاء ولا من ثقافتهم فالمقاومة لا يمثلها طائفيين ولا متمذهبين بل يمثلها كل حر وشريف في لبنان والعالم .