حرب حزيران .. النتائج المستخلصة وعلاقتها بالحاضر
حرب حزيران ..
النتائج المستخلصة وعلاقتها بالحاضر
بقلم: حسين الربيعي
علينا فقط ان نعرف العبرة من نكسة حزيران يونيو 1967 ، وظواهرها الايجابية على المستوى الشعبي ، يوم تمسكت جماهير الامة بزعيمها .
لا احد ينكر الهزيمة العسكرية في ساحة الحرب ، حيث تمددت “اسرائيل” جغرافيا على ارضنا العربية ، كما دمرت بشكل كامل للمنظومة العسكرية العربية المواجهة ، وتكبدت الامة خسائر فادحة في الارواح والاموال .
ولكن ايضا ، فأن قوة وعمق الوعي القومي بين جماهير امتنا العربية في كل اقطارها ، دفعت “في ظاهرة فريدة من تاريخ امتنا العربية المعاصر”، دفعت هذه الجماهير الى تحمل مسؤولياتها بالدفاع عن نظامها القومي التحرري الاشتراكي ، ضد طابور الاعداء ، الذي يظم عناصر من داخل النظام نفسه ، ممن باعوا ذممهم للاستعمار لمصالحهم وطموحاتهم التي تتنافى مع الوطنية والتي دفعتهم الى العمل على تحقيق الهزيمة العسكرية .
واذا اردتم ، فأن عصر المقاومة انبثق على صخرة تلك الحالة الشعبية القومية العظيمة يومي 9 و 10 حزيران 1067 ، وأن راية هذه المقاومة، تنقلت من يد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الى غيره ، في حراكها من اجل تحقيق نفس الاهداف بتحرير الارض واستعادة الحقوق المشروعة ، مع تنوع الاسماء والعناوين ..
هي نفس المقاومة التي عزز وجودها ناصر في القوات المسلحة المصرية بعد النكسة .
وهي نفس المقاومة التي تمتنت في عقيدة الجيش العربي السوري .
وهي نفس المقاومة التي قاتلت بها فصائل المقاومة الفلسطينية ،ولا تزال .
وهي نفس المقاومة اللبنانية التي احتضنت المقاومة الفلسطيني ،وحققت اكبر انتصارتها في حرب تموز 2006 .
وهي نفس المقاومة التي التحقت في ركبها الثورة الاسلامية الايرانية المباركة .
متواصلة ، متواصلة
لا تفاوض ، لا اعتراف ، لا صلح مع “اسرائيل”
وان ما اخذ بالقوة لن يسترد بغير القوة .
أن من يعتقد ان حرب حزيران يونيو ، هزيمة فهو واهم ..
الهزيمة حينما تتنازل لعدوك وتبصم له ، حتى وان حققت نصرا عسكريا .
ومن هنا يجب المقارنة بين حرب حزيران ونتائجها في بزوغ عصر المقاومة ، في حرب الأستنزاف ، والاعداد لحرب التحرير ، وبين
حرب اكتوبر تشرين ، حيث حول النصر الى هزيمة منكرة ، وخنوع ، وردة على كل الثوابت والقيم والسيادة والحقوق القومية،
فكان خلف كل الذي نعيشه من هوان وتخاذل وتطبيع وصراعات وحروب داخلية ، وتراجع في كل المستويات السياسية والثقافية والعمرانية والصناعية والزراعية والتعليمية الخ . نتيجة لقرار رجل استفرد بالسلطة عن الجماهير ، واغتصب قرارها المقاوم .
لم يرتد انور السادات على ثورة يوليو 1952 ، ولم ينقلب على رفيقه وصاحبه جمال عبد الناصر فقط ، ولكنه فرط باستقلال مصر و بحقوق الامة ، ووقع اتفاقية العار ، اتفاقية كامب ديفيد ، لتكون قيدا في ارادة القرار الوطني المصري ، واختراقا في منظومة الأمن القومي، جيرت بلادنا العربية الى كل الدخلاء الذين تتوافق اهدافهم مع اهداف العدو الصهيوني ، والصورة واضحة اليوم على الحدود الغربية لمصر .
هناك من يرى الامور على انها هزيمة ، بناءا على قصر نظر ، اما نحن نراها نصر أكدته جماهير الامة يومي 9 و10 يونيو حزيران 1967 ، وشتان بين الرؤيتين ، رؤية ذهبت الى التشكيك ، فما لبثت ان تحولت الى ادوات وبيادق بيد الاعداء ، بعلم او بدونه . هذه “الفئة” تمثل خطرا ، ليس على الفكر او التيار الناصري ،او على حركات المقاومة فقط ، بل على كل الامة والمنطقة .
و رؤية متمسكة بمقولة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر “ان المقاومة وجدت لكي تبقى ..وستبقى” .. هذه الرؤيا ليست منحسرة بالتيار والشخصيات الناصرية، كما اسلفنا ، الجميع يعمل من اجل تحقيق نفس الاهداف . وليس غريبا ان تتوائم الهجمة الجديدة ضد سلاح المقاومة في لبنان مع ذكرى نكسة حزيران، لتؤكد ان العدو الخارجي لم يستطع اختراق معسكر المقاومة، ليستعين بعملائه ومأجورين له في الداخل لاحداث ما عجز هو عن تحقيقه ، ونتوقع ان تحدث مثلها في العراق ، لنفس الهدف ، توائما مع ما يسمى”الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة” كورقة ضغط على “الجانب العراقي” بل ان بوادر هذا الحراك المعادي لسلاح المقاومة ، بدأت منذ يوم امس باغتيال احد “نشطاء” ساحة التحرير على يد عصابة ، ومن ثم اتهام “فصائل المقاومة” بعملية اغتياله .
ان مستحقات المواجهة التاريخية هذه بين خندق المقاومة ، وخندق الاعداء ، تتطلب منا اليوم ،العمل على انجاز مشروع لوحدة الفعاليات والشخصيات المؤمنة بالمقاومة و خياراتها ، تحت شعار ، وحدة المعركة ووحدة الاهداف .