قواعد الاشتباك الجديدة تفرض حتميّة تدمير «إسرائيل»…
د. جمال زهران*
في الوقت الذي يسعى المتآمرون في الداخل اللبناني، وعملاء أميركا والكيان الصهيوني الاستعماري المسمّى بـ «إسرائيل»، إلى الدعوة إلى «الحياد اللبناني»، وتقويض سلاح المقاومة مقابل فك الحصار عن الشعب اللبناني والدولة اللبنانية، وتقديم كافة أنواع الدعم بهدف إنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية والعودة إلى سيرته الأولى حسبما يظنّون، في الوقت ذاته الذي يقوم حزب الله، بعملية ردعية وتخويفية وصلت إلى حدّ تصدير الرعب الحقيقي لدولة الكيان الصهيوني الغاصب، من دون أن تحدث على الأرض، ومن دون اشتباكات حقيقية، ومن دون وقوع إصابات أو قتلى (شهداء). ويتضح أنّ ذلك من قواعد الاشتباك الجديدة، التي فرضها حزب الله (رمز وقائد المقاومة في لبنان)، على العدو الصهيوني.
فما الذي حدث في الجبهة الجنوبيّة للبنان، في مواجهة الشمال للكيان الصهيوني (فلسطين المحتلة)؟
فقد تظاهر حزب الله، بأنّ ثمّة تحركات عسكرية من قوات المقاومة لحزب الله، تجاه شمال «إسرائيل»، الأمر الذي أدخل الرعب في الحكومة والدولة الصهيونيّة. وسارعت الحكومة الإسرائيلية بفضّ الاجتماع، وإعلان نتنياهو – رئيس الوزراء – بأنّ هجوماً واعتداءً من جانب حزب الله كبير، قد وقع علينا في شمال «إسرائيل»، ودعا سكان الشمال، إلى المكوث في منازلهم، وفرض الطوارئ في المنطقة، والإعلان عن أنّ ما يحدث وما تتعرّض له «إسرائيل» كبير وشامل، وليس صغيراً أو محدوداً. وتحرك في أثره وزير الدفاع الصهيوني، وأمر بالتعبئة الشاملة فوراً، واتخذت الحكومة جاهزيتها لمواجهة هذه الأمور الطارئة. أيّ أنّ العدو الصهيوني ارتعدت فرائسه، واندفع للتعبئة والاستعداد للمواجهة وسط خوف غير مسبوق. وانعكس ذلك على الإعلام، نتيجة تخبّط الحكومة الصهيونية، ولذلك صدرت أخبار متتالية ومتناقضة عدة. وأول هذه الأخبار تضمن استهداف ميركافا إسرائيلية بصاروخ كورنيت، وإحباط عملية تسلل من لبنان، والخبر الثاني تضمّن، نفياً لضرب أي آلية عسكرية وإعلان قتل عناصر المجموعة المتسللة، بينما تضمّن الخبر الثالث، أنّ المجموعة عادت إلى لبنان، قاصداً أنّ المجموعة اللبنانية التي تسللت، عادت إلى قلب لبنان من دون أن يصيبها سوء! أما بيان حزب الله بعد أن ورّط «إسرائيل» في المشهد الكاذب، وأثار الرعب في سكان شمال فلسطين المحتلة، وفي الحكومة الصهيونية على أعلى مستوى (رئيس الوزراء ووزير الدفاع)، تضمّن أنه لم يحصل أيّ اشتباك أو إطلاق نار من قبل حزب الله، وإنما كان ذلك من طرف واحد فقط هو العدو الخائف والقلق والتوتر!
وكان من الواضح أنّ هذا التخبّط الإعلامي من جانب الإعلام الصهيوني، جاء نتيجة تضارب المعلومات الصادرة عن الجيش الصهيوني، وتعرّض الجيش والحكومة لعملية خداع استراتيجي غير مسبوقة!
وقد تابعت كغيري الأخبار التي انتشرت لساعات، وتابعت ردود الأفعال، لدرجة أنّ كثيرين أعلنوا فرحهم وسعادتهم بأنّ حرباً قد وقعت في «مزارع شبعا» اللبنانية، والمحتلة حالياً من قبل العدو الصهيوني، بين حزب الله، والكيان الصهيوني، ربما لا تتوقف إلا بعد تحرير «مزارع شبعا»، وذلك رداً على العملية الصهيونية بالعدوان على موقع بسورية (دمشق)، واستشهاد أحد رجال حزب الله، خاصة بعد أن أعلن السيد حسن نصر الله، عن عدم الصمت على تلك العمليّة، وأنّ الثأر قائم، وأنّ العين بالعين والسن بالسن، والبادئ أظلم، وذلك في بيان رسمي لحزب الله على تلك العملية.
إلا أنه لم تمض ساعات حتى انقشع الغبار عما حدث بالضبط، وترك حزب الله، الكيان الصهيوني يعلن تناقضاته حتى وقع في المصيدة، ثم أعلن حزب الله بيانه الشارح لما تمّ، بأنه لم يتمّ شيء حتى الآن، ووجه التهنئة السافرة للعدو الصهيوني عما أصابه من رعب وهلع وخوف غير مسبوقين! في هذا السياق، فإنّ حالة الهلع التي أصابت الكيان الصهيوني في أعلى مستوياته، ما كانت أن تحدث في حالة عدم وجود سلاح المقاومة متمثلاً في حزب الله، أداة التوازن والردع الاستراتيجي في الإقليم.
ولذلك يستمرّ الأعداء والعملاء، في غيّهم رغم الهزائم المتتالية كلّ يوم في الدعوة إلى إلغاء وجود المقاومة، وتسليم سلاح حزب الله، لكي يفسح المجال أمام «إسرائيل» وجنودها، وبالتالي عملائها، يمرحون في الأرض اللبنانية كما يحلو لهم، وتأمين «إسرائيل» على حاضرها ومستقبلها الآمن بعد زوال المقاومة في لبنان، والتحضير للإجهاز على سورية المقاومة، كما يتمنّون، وهو تمنّ مستحيل له، أن يحدث. حيث تتأكد كلّ يوم قواعد اشتباك جديدة، تفرضها المقاومة، ولعلّ في التذكير بعملية «أفيفيم»، كآخر عملية اشتباك فعلي بين الكيان الصهيوني والمقاومة اللبنانية، وخرج حزب الله منتصراً، ومن قبلها الانتصار في تموز 2006، وتحرير الجنوب في مايو (أيار) 2000، وغيرها من العمليات المتناثرة، التي فرضت على الكيان الصهيوني عدم الاقتراب من الحدود اللبنانية، وفقاً لاتباع استراتيجية الردع، والهجوم إذا لزم الأمر.
وهنا فإنّ الحكومة اللبنانية مطالبة على وجه السرعة، سرعة حلّ مشاكل اللبنانيين، وتنفيذ ذلك بأجندة بعيداً عن الغرب وضغوطه، وتجاهل أجندة البنك والصندوق» الدوليين، ووصاية «رياض سلامة» الذي يمثل حكومة المصرف ذات الأجندة الأميركية، وضرورة الإسراع بالتوجه شرقاً (سورية – العراق – إيران – الصين – روسيا)، فهي الحلّ الواقعي لإنقاذ لبنان، بعيداً عن استجداء الأشقاء» في الخليج وهم أشقاء غير شرعيين، لأنهم معدومو الإرادة، في مواجهة الضغوط والأوامر والتعليمات الأميركية. ومن أسف أن نقول إنّ عواصم الخليج وفي المقدمة السعودية، تدار من واشنطن، عاصمة الشيطان الأكبر، لعنة الله على أميركا وسياساتها وحكامها.
ولذلك أقول إنّ قواعد الاشتباك الجديدة تفرض حتمية تدمير وإزالة الكيان الصهيوني (إسرائيل) قريباً.
* الأمين العام المساعد للتجمع العربي الإسلامي لدعم خيارالمقاومة، وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، ورئيس الجمعية العربية للعلوم السياسية.