عشية الانتخابات التركية.. أردوغان يحاول تمكين سلطانه والمعارضة تأمل طي صفحته
أخبار (الدائرة الاسلامية)
أنقرة-سانا
تأتي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المبكرة المقررة غدا والتي دعا إليها رئيس النظام التركي رجب طيب اردوغان محاولة منه إلى إحكام قبضته على البلاد والمضي قدما في أحلامه السلطانية ومنحه صلاحيات رئاسية كبيرة تكرس هيمنته على تركيا.
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي استعجلها اردوغان دون تقديم تبرير منطقي تأتي بعد التعديلات الدستورية التي فرضها في استفتاء العام الماضي والتي تشمل تحويل نظام الحكم في تركيا إلى نظام رئاسي خدمة لمصالحه وخفض عدد الوزارات من 26 الى 16 وزارة وتشكيل 9 هيئات سياسية واستراتيجية وربط الكثير من هذه الهيئات برئاسة الجمهورية.
المعارضة التركية التي تامل عشية الانتخابات طي صفحة أردوغان والخلاص منه كانت أعلنت عن تشكيل تحالف أطلقت عليه اسم “تحالف الأمة” شكلته الأحزاب السياسية التي تخوص الانتخابات بخمسة مرشحين هم محرم إينجه عن حزب الشعب الجمهوري ودوغو بارينتشاكعن حزب الوطن و ميرال أكشينار عن حزب الخير و تامال كرامولا أوغلو عن حزب السعادة و صلاح الدين دميرطاش عن حزب الشعوب الديمقراطي وذلك في مواجهة مرشح تحالف حزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية رجب طيب أردوغان والذي اطلق عليه اسم “تحالف الجمهور”.
تحالف المعارضة وضع في برنامجه الانتخابي جملة من الاهداف السياسية الداخلية والخارجية التي تهم مستقبل البلاد من بينها ترسيخ استقلالية القضاء وضمان ممارسة الحقوق الأساسية والحريات للمواطنين الأتراك وإنهاء حالة الانقسام السياسي في البلاد الناجمة عن سياسات أردوغان ومحاولاته السيطرة على مؤسسات الدولة السياسية والعسكرية والقضائية وتحسين الأوضاع الاقتصادية للاتراك اضافة الى تعزيز العلاقات وإعادتها إلى طبيعتها مع دول الجوار وإعادة المهجرين السوريين من خلال المساعدة على احلال الامن والاستقرار في بلدهم.
أكثر من 5ر2 مليون تركي عبروا خلال تجمع انتخابي يوم الخميس الماضي في إزمير عن دعمهم لمرشح حزب الشعب الجمهوري أبرز وأكبر أحزاب المعارضة محرم إينجه الذي جدد في تصريحات له أمس تأكيده أنه في حال فوزه بالانتخابات سيؤسس جهازاً قضائياً جديداً يتمتع بالحيادية والاستقلال والفاعلية.
كما دعا اينجه رئيس النظام التركي أردوغان إلى مناظرة تلفزيونية أخيرة وقال متوجها له: “إن غدا آخر ليلة وإذا كانت لديك الشجاعة واجهني عبر مناظرة تلفزيونية”.
اينجه كان أكد كذلك في مقابلة صحفية في وقت سابق أن تركيا تريد طي صفحة رجب أردوغان وقال: “منذ 16 عاما يقسم اردوغان المجتمع التركي.. أنا سأكون النقيض له تماما.. سأكون رئيسا جامعا” مضيفا: إن تركيا اليوم تريد التنفس والسلام والاستقرار.. وباتت مستعدة لطي صفحة اردوغان.. لا بل إن هذا ما تريده”.
اينجه تعهد ايضا في حال فوزه بالانتخابات بالحكم دون اقصاء أحد معتبرا أن الرئيس الجديد لتركيا يجب أن يستعيد ثقة الأسواق في إشارة إلى الوضع الاقتصادي السيئء في البلاد حيث فاقت نسبة التضخم 10 بالمئة كما تراجع سعر الليرة بشكل كبير مقارنة بالعملات الأجنبية.
حملة أردوغان الانتخابية واجهت على الصعيد الداخلي انتقادات واسعة حيث أكد عضوان في هيئة مراقبة البث التلفزيوني آرتوك أن محطة التلفزيون الرسمية الرئيسية في تركيا خصصت 67 ساعة من بثها لأردوغان الشهر الماضي في إطار الاستعداد للانتخابات فيما لم يحظ منافسه الرئيسي محرم إينجه سوى بأقل من سبع ساعات.
ويؤكد مراقبون اتراك ان احتكار اردوغان شبه الكامل لوسائل الإعلام قد يكون أكبر عقبة تقف في سبيل حرية ونزاهة الانتخابات في ظل حالة الطوارئ المفروضة منذ محاولة الانقلاب التي جرت في تموز 2016 والتي شن على اثرها نظام اردوغان حملة اعتقالات واقالات واسعة للتخلص من خصومه ومعارضيه وطالت عشرات آلاف الأشخاص في جميع مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية اضافة الى قمع حرية الصحافة واغلاق العديد من الصحف ووسائل الإعلام والمواقع الالكترونية وصولا إلى فرض حالة الطوارئ في البلاد.
النظام التركي ولدواع انتخابية قام باستغلال قضية المهجرين من خلال منح الجنسية لالاف المهجرين السوريين حيث أعلن الأسبوع الماضي أن نحو 30 ألف سوري سيشاركون في تلك الانتخابات لكسب أصواتهم وليكونوا بمثابة تعويض لما خسره الحزب الحاكم من شعبيته.
نظام أردوغان المتورط في دعمه للتنظيمات الإرهابية في سورية على مدى السنوات الماضية ومدها بالسلاح وتقديم الدعم اللوجستي لها عمد أيضا إلى تحقيق أهدافه ومصالحه دون أخذ اعتبار لمصالح شعوب الدول المجاورة لرفع شعبيته بين الاتراك حيث يرى مراقبون في هذا الصدد أن تصريحات أردوغان الأخيرة للتنديد بممارسات قوات الاحتلال الاخيرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة هي إعلامية ولإثارة مشاعر الأتراك مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في تركيا.
ويحق لنحو 56 مليون تركي في 81 ولاية المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لاختيار رئيس جديد و600 عضو في البرلمان.
محمد جاسم ونوال جليس