Featuredالتحليل اليومي

السودان والجزائر… الجيوش تتقدّم، فهل تقطع مسارات الفوضى والحروب؟

هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة

تنتمي الجزائر والسودان إلى منطقة وسط وشمال جنوب أفريقيا العربية، وللبلدين أهميةٌ استراتيجيّةٌ في الموقع والثروات وتقرير مستقبل إقليمهما. فإلى جانب مصر، يتقرّر مستقبل أفريقيا وإلى حدٍّ كبيرٍ العرب في القارّتين، ويتقرّر تشكيل محورٍ نوعيٍّ قادرٍ له تأثيرٌ واسعٌ في البحر الاحمر وفي الصراع العربي الصهيوني وخيارات العرب، وفي استقرارهم وتوفير وسائط وبيئات انسجامهم وتحقيق حضورهم.

السودان سلة العرب ومخزنهم، وثرواتها الطبيعة والزراعية والمائية والحيوانية والنفطية والكثير غيرها تؤمّن ما يكفي لإطعام مئات الملايين من البشر، وتوفير أسباب إطفاء المجاعات في أفريقيا والعالم.

والجزائر بئر العرب النفطي والغازي وسلة غذاءٍ هامةٍ، وتتوسّط أكبر الدول العربية، ويمتدّ تأثيرها الى القبض على المتوسط وجنوب غرب أوروبا…

كلا البلدين كان وسيبقى هدفاً للقوى العالمية والاقليمية الطامعة والراغبة بأن تكون شيئاً مهمّاً، والكلّ يتصارع لبسط النفوذ والهيمنة، فمستقبل فرنسا وقوّتها والاتحاد الاوروبي يرتبط بمدى استقرار الجزائر وماهية الجهة التي ستتخذها أحداثها، وكذا مستقبل الحرب في اليمن والخليج والبحر الاحمر وتأثيراته في التجارة العالمية وفي استقرار الاقليم.

بعد سوريا والعراق واليمن، وكلّها جغرافيا حاكمةٌ وثرواتٌ وشعوبٌ منتجةٌ وفاعلة، تضرب العاصفة في السودان والجزائر، وليست أحداث ليبيا العسكرية المتسارعة بعيدة، بل في سياقها، والأحداث تشي بأنّ إقليماً وعرباً وعالماً جديداً يتشكّل ولن يبقى القديم على حاله، فقد تغيّرت الأحوال وتتغير اتجاهات ريح الأزمنة…

في العرب ضربت موجهٌ عاصفةٌ نهاية عام 2010، ولم تزل تردّداتها جاريةً، ففي جولتها الاولى أسقطت رمزين من رموز الردّة والخيانة “بن علي وحسني مبارك”، وفي جولتها الثانية التي جرى تحويرها بتصميمٍ وبكلفةٍ مهولةٍ لتضرب على غير ما كان يجب، فأصابت ليبيا، ثم عصفت باليمن وبسوريا، أمّا ضربتها الثالثة فتعصف بالجزائر والسودان وليبيا…

أين تقع الجولة الثالثة وما هي أبعادها والنتائج المتوقعة…؟

من المؤكد أنّ الجولة الثالثة تضرب في زمنٍ وبيئاتٍ وتوازناتٍ إقليميةٍ ودوليةٍ مختلفة، فالروسي والصيني أصبح حاضراً وبالسلاح والمصالح، والامريكي ينحسر، والاوروبي مرتبكٌ ومأزومٌ في اتحاده وفي دوله الوطنية، والازمة الاقتصادية العالمية تهدّد هيكل الاقتصاد الليبرالي ويحذر الخبراء من هزةٍ عنيفةٍ قريبة التحقق.

النظم والتوازنات العتيقة تخلخلت ولن تستقر، والكيان الصهيوني مأزومٌ ومرتهبٌ من الانسحاب الأمريكي ومن طائرات غزّة الورقية وصواريخ المقاومة وحلفها، وحلف المقاومة إلى صعود ولو مأزوم اجتماعيا واقتصاديا بفعل الحصار والارتباك في حقبة إعادة البناء والنهوض، وبسبب غياب مشروعاته المستقبلية، والشعوب في حالة انعدام اليقين.

الارهاب المتوحش وحركات المتأسلمين واستخدامه للتآمر على الامة قد هزم وانكشف على حقائقه، واتفاقات الاخوان المسلمين والوهابية مع الامريكي لإعادة هيكلة الاقليم والسيطرة عليه اصبحت في خبر كان بعد اختبارها في الميدان وفي النظم….

إذاً: الحراك السوداني والجزائري والليبي ليس منقطعا ولا هو عاصفة هوجاء في ليلة صيف بقدر ما هو مؤشر على ان العرب يبحثون عن التغيير، ويسعون اليه في الشوارع والميادين وهي منصات التغيير النوعي…

في الحراك مميزات نوعية اختلفت عن السوابق لجهة السلمية وغياب قدرة الخارج على التدخل والتأثير، ولجهة التنظيم والحيوية والشبابية…

ويختلف بنتائجه الاولية: فالجيوش بصفتها القوى المنظمة والجامعة والعامود الفقري للاستقرار والوحدة تحركت تحت تأثير الشارع وتفاعلت معه وتسعى لقطع الظروف لتحول دون الفوضى والعبث والاحترابات فهل تنجح؟؟ وماذا إذا نجحت وقدمت بدائل وطنية وأمّنت الاستقرار؟؟

أسئلةٌ لا بدّ من معالجتها، ففي نتائجها سيتقرّر مستقبل العرب والاقليم والتوازنات العالمية ويجاب على سؤال: هل تدوم الفوضى والحروب لتأكل الاخضر واليابس؟ أم أنّ البيئة أصبحت قادرةً على إنتاج قوىً حاملة لمشاريع تغيير وأمل بجديد؟؟ وهل تتوج الجولة الثالثة مساراً مختلفا؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى