الاتحاد الاوروبي بين عبث ترامب وحريق السترات الصفر…
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
الرئيس الأمريكي الضارب بعرض الحائط كل قواعد الدبلوماسية، والسياسة وطرائقها وهو في طريقه لزيارة بريطانيا يشعل أزمة عاصفة ويطالبها بالانسحاب من الاتحاد الاوروبي بلا أيّ ثمن، كما يناصر علناً وزير خارجيتها ويطالب بتعيينه رئيساً للوزراء بدل ماي المستقيلة، ولا تقف الامور عند هذا بل تعبث الأدوات الترامبية في أوروبا كلها وعلى جدول الأولوية إعجاز ألمانيا وإفقادها قوّتها الاقتصادية، فصبّ جام غضبه على ميركل وكالَ لها التهم ولألمانيا بذريعة أنّها لا تدفع خُوّةً لحمايتها…
وانتخابات البرلمان الأوروبي جاءت سياقاتها بما ينسجم مع طبيعة ومشروعات وشعارات ترامب، فصعدت القوى اليمينية المتطرفة، والعنصرية متناغمة مع عناوين وشعارات حملات ترامب للانتخابات الرئاسية التي جاءت به الى البيت الابيض…
ترامب وعد الاتحاد الاوروبي بالتفكيك، وبالتخلي عنه، وقال إنه جماعة مترهلة وعتيقة وعبئٌ على مشروعاته في إعادة هيكلة السيطرة العالمية ومكانة أمريكا بصفتها أولوية أولوياته، ومعالجة أزماتها كلّ ما يسعى إليه ورفع شعارات الامة الامريكية، وتدمير العولمة وتغيير قواعد الشراكات، فانسحب من الاتفاقات واتخذ إجراءات قاسية ودون استشارة أحد أو الوقوف على مصالح حلفاء أمريكا التاريخيين، ففرض الضرائب وقلّص العلاقات وحوّل تفاهمات أمريكا وتبادلاتها لصالحها كقوة مهيمنة ومستعمرة لأوروبا وامريكا اللاتينية والكاريبي…
ترامب أعلن أمس ترشّحه للولاية الثانية من ولاية فلوريدا، وبدأ حملته، وكما كانت عاصفةً في الولاية الاولى ستكون في الثانية، وقد ارتاح لشعبيته ولما حققته سياساته من عوائد وفوائد اقتصادية، ويستفيد من غياب شخصيات وازنة في حزبه أو في الحزب الديمقراطي المنافس التاريخي، كما لا يبدو أنّ هناك شخصيات مستقلة او من اتجاهات ثالثة قادرة على مواجهته.
ترامب بتصريحاته لتحفيز بريطانيا على الانسحاب من الاتحاد دون دفع أيّة تعويضات، وبترشيحه لبوريس جونسون لوراثة ماي في قيادة الحكومة البريطانية وبريطانيا مأزومة يعتبر تدخلا سافرا من جهة، ويؤكد أنّ بريطانيا واخواتها ليست سوى جمهوريات موز بمنظور ترامب وبيته الابيض.
وتأتي استقالة رئيسة الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا وأزمة ميركل الحكومية بمثابة مؤشر آخر على حجم التدخل الترامبي، ودليل على ما يريد أن يأخذ الاتحاد الاوروبي إليه من حالة صراع وتفكك وكل ذلك يتقاطع مع موجة السترات الصفر التي ضربت فرنسا وأزّمتها وبدأت جمراتها تحرق في حقول أوروبا اليابسة…
إنّه عالم ترامب الامريكي وجهده مستمر لإعادة تكييف الدول والنخب التابعة لتسير على مسطرته وإن تمكّن من ولاية ثانية فلن يبقي في واحدة من الدول التابعة حجر على حجر، فكما عبث بأمريكا واستقرار توازناتها سيفعلها أينما استطاع أو بلغت يده…
فتأتي تصريحات بومبيو التي ترجو إيران التفاوض وبلا شروط وهو “الصقريّ” وصاحب نظرية إخضاعها بالحصار غير المسبوق أو بالحرب، لتؤكد حقيقة أنّ أمريكا البلطجية تفرض إرادتها حيث لا مقاومة لها، أما مع الدول والامم والشعوب المقاومة فهي من يخضع…