الطبل بإدلب والزفة بالتنف!
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
بينما الأنظار والأعصاب كلّها كانت مشدودة لإدلب، والسؤال متى تبدأ العملية، وهل تقصف أمريكا، وما هو مصير المسلّحين؟ وما هو مستقبل تركيا وعلاقتها بروسيا وإيران الضامنان؟…
جاء الجواب الشافي الوافي من التنف، فقد أعلنت روسيا وأمريكا اتفاقاً لتفكيك مخيم الركبان.. وسحب القوّات الأمريكية من التنف وترحيل المسلّحين إلى إدلب ….
وما أن وُقِّع اتّفاق بوتين – أردوغان القاضي بتكليف تركيا سحب السلاح الثقيل من المسلحين وإخلاء إدلب وبعض المناطق واقتصار انتشارهم تحت السلطة والمسؤولية التركية في شريط حدودي لحماية تركيا من الكرد وتأمين فتح الاوتوسترادات والتزام تركيا بإيقاف أيّة تحرشات بالجيش وحلفائه وبقاعدة حميميم، حتى بادرت “اسرائيل” إلى عدوان تحت جناح طائرة روسية وتسبّبت بإسقاطها ما عكّر العلاقات ودفع وزارة الدفاع الروسية لإعلان مسؤولية “اسرائيل” وهدّدت بالردّ… لتدخل العلاقات مرحلة جديدة لا تصفو بها الأجواء لتكرار الاعتداءات وتصعيدها..
اتفاق إدلب – التنف وانكشاف حجم التكامل التركي الاسرائيلي وتنسيق العمليات باستهداف روسيا وسورية يؤشّر إلى تحولات جوهرية في تصفية الارهاب وقوى ودول إسناده …
ويمكن القول أنّ مسارات الأحداث برمّتها وبرغم خسارة طائرة روسية ذات مهامّ نوعية وخمسة عشر من العسكريين الكبار… إلّا أنّ كل النتائج العملية تتراصف في سياق اكتمال عناصر النصر التاريخي الجاري صناعته ..
يا له من ذكاء وإدارة عبقرية مُحكمة لحرب عالمية عظمى تنتزع فيها سورية وحلفها والروسي قصب سبقٍ مذهلٍ وغير مسبوقٍ له من مثال…
وعلى خطٍّ موازٍ أعلن عن بدء ترتيبات فتح معبر نصيب مع الاردن…
يا لها من حنكة تفاوضٍ وإدارة حروب، فقد استُجيب للشروط السورية…. إن كنتم تذكرون، فتفكيك الركبان ورحيل الامريكيين أولا …
فرحيل الامريكيين من التنف يعني بدء الانسحاب الامريكي من سورية والشرق العربي بما يذكّر بهزيمة الاتحاد السوفياتي من أفغانستان …
وما يحسم أنّ القرار الترامبي بالانسحاب أصبح قيد الانجاز العملي… تلك كانت وظيفة قمة هلسنكي …
إخلاء التنف يعني بدقّة تسليما أمريكيا بسقوط خطط ومشاريع إقفال الحدود السورية العراقية بمستطيل هيمنة يربط أنجرليك والناتو بالقواعد الامريكية في الخليج …
وترحيل أدوات أمريكا إلى إدلب كوضع الثعبان في حضن أردوغان وتعطيل مشاريعه للاستثمار بداعش والنصرة والمسلّحين ….
بربط التنف بإدلب وما صار في قمة بوتين أردوغان تكتمل معطيات عقد النصر… فأردوغان التزم بسحب سلاح المسلّحين الثقيل بعمق 20 كيلو متراً، والتزم بتوقيعه الخطيّ أمام القيصر بتفكيك النصرة، ولم يعد له زمنٌ يلعب فيه أو حبالٌ ليرقص عليها… وصار هو ودولته متّهمين وبتوقيع وزير دفاعه، وملزمين بتصفية ما صنعوا، وإلّا سيُعامَل بأنّه هو الإرهاب ومصنّعه وراعيه، وإن فعلها فسينقلب الارهاب عليه ويضرب في دولته..
وإسقاط الطائرة الروسية يحسم بأن “اسرائيل” تستهدف الوجود الروسي ولن يستقيم ما كان من مراعاةٍ لها…
هكذا تسير الأمور على ساعةٍ سوريةٍ وروسيةٍ، ومن لم يفهم حتى الآن لن يفهم أبداً….
القافلة تسير وليعلو النباح وإن كثر النبّاحون ….