6 تشرين… وقائع حربٍ أطلقت حقبة المقاومة وعصر الانتصارات..
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
بينما كان قادة الكيان الصهيونيّ يعيشون وَهْمَ انتصارهم التاريخيّ ويفاخرون بقدرات جيشهم وقد تم تصويره بالذي لا يقهر، وروح الهزيمة وعقلها ينخر في العرب ويزيد في إقعادهم وإحباطهم بقوة حملاتٍ دعائيةٍ ضاريةٍ تقصّدت تحويل نكسة 1967 إلى جرحٍ غائرٍ وبكثيرٍ من القيح..
كان جندٌ في الجيش العربيّ الأول، وجندٌ في الجيش العربيّ الثاني، والجيشان لم تسقط من ذاكرتهما ولا من وعيهما أنهما جيشا دولة الوحدة بإقليميها الشماليّ والجنوبيّ، وكلمات القائد الخالد جمال عبد الناصر “ما أخذ بالقوة لا يستردّ بغير القوة” تطرق الأفئدة والعقول، و”لاءات قمة الخطروم الثلاثة”، لا تفارق ذاكرة الأمة…..
الجند وقادتهم في عملٍ دؤوبٍ يَصِلُون اللّيل بالنهار، وبهمة الراغب باستعادة وعي الأمة والنهوض بها، أنجزا خطواتٍ نوعيةً في كسب المعارف، والتنظيم وهضم السلاح وتقانته، وكلّ جديدٍ في علوم الحرب…
خسرت الأمة القائد الخالد الذي وضع أسس وأصول، واتخذ قرار الحرب لغسل عارها واستعادة أرضها على طريق تحريرها وتوحيدها ردّاً على مؤامرة التجزئة والتقسيم وثأراً للوحدة السورية المصرية، فصعد قائدٌ آخر ليحتلّ المكانة ويسير في نفس الطريق وإلى ذات الهدف، فقد تولّى القائد الخالد حافظ الأسد سدّة القيادة في سوريا بعد الحركة التصحيحيّة التي صحّحت مساراتها ووحّدت روحها، وزجّتها في عملية بناءٍ محكمةٍ واستعدادٍ للحرب، فاستعادة الأرض هي في عقله وعلمه والتزامه قمة الانجازات والمعبر الوحيد إلى توحيد العرب واستحضارهم أمّةً فاعلةً بين الأمم…
في لحظةٍ لم يكن أيٌّ من قادة العدو الصهيوني وأصحابه من قادة الغرب وأمريكا يتوقع، وفي رابعة نهار 6 أكتوبر 1973 بدأ طيارو الجيشين باستهداف المواقع الحصينة والعمق الصهيوني ثم اندفعت أرتال الدبابات والمشاة تقتحم القناة وتسقط خط بارليف الموصوف بأنه أفضل خطّ دفاعيّ بنته الجيوش، وفي هضبة الجولان وقمم جبل الشيخ حققّ الجيش السوريّ معجزاتٍ في ساعاتٍ وقبل أن يسدل الليل ستاره بلغت الدبابات والمشاة عتبة بحيرة طبريا، وقد حقق الجيش الفتيّ انتصاراتٍ وكشف عن قدراتٍ نوعيةٍ مفاجئةٍ لشدّتها وقوتها…
وكان حرّاس السماء يمطرون الطائرات الاسرائيلية بوابلٍ من صواريخ “سام” وتتساقط الطائرات الاسرائيلية كالفراشات على فوّهة قنديل..
أيّام عزٍّ، وكرامةٍ، فقد تشارك الكثير من العرب في الحرب، وتطوّع مئات الآلاف من أبناء الأمّة، واتفق القادة لأوّل مرة على استخدام النفط والمرافئ وما بين يديهم من قدرات…
توفّرت فرصة أن يتوّج العرب، وقد حققت جيوشهم مكاسب وخاضت معارك مشرّفة تجري دراستها في المدارس والكليات حتى الساعة…
فوقع ما لم يكن متوقعا، وأوقف السادات الهجوم، وترك ثغرةً في الدفرسوار لمحاصرة الجيش المصري في سيناء، وترك الجيش العربي السوري وحيدا في القتال، بينما زجّت أمريكا لأول مرة في تاريخها دباباتها وطائراتها بحمولتها وبجندها الامريكيين في الحرب لكسر الجيش العربي السوري ووقف زحفه وانتصاراته….
شكّلت حرب تشرين 1973 واحدةً من الحروب التي كشفت عن قدرات الجندي والضابط العربيّ وطاقاته الهائلة وقررت أنّ العرب إن توحّدوا بالحدّ الأدنى قادرين على اشتقاق المعجزات وقد لاحت فرصة نصرٍ يعيد الحقّ إلى أصحابه والتاريخ إلى نصابه، إلّا أنّ الخيانة، والتفريط والوهم وتفويض أمريكا كان قد سيطر في مصر العروبة ففعلها السادات وترك الجند والجيوش في الميدان ليتقدّم إلى مشروعه في الصلح والاستسلام والتفريط بمصر وقدراتها وإلحاقها بالمشروع الأمريكي الاسرائيلي…
فعلها السادات، فانقلب النصر العسكري شبه هزيمةٍ سياسيةٍ، غير أنّ سوريا وجيشها لم تفعلها وظلّت تقاتل ونجحت استراتيجية القائد الخالد حافظ الأسد ببناء التوازن الاستراتيجي مع العدوّ وأسهم في إطلاق وحماية المقاومة ليصير الزمن زمنها والعصر عصر انتصاراتها…
في حرب تشرين خطٌّ أو سطرٌ في تاريخ مستقبل الأمّة ومقاومتها، وها هي تزيد انتصارات وتبني عليها وتجعل العالم والإقليم في حالة حراكٍ بحثاً عن جديدٍ وتغييرٍ جدّيّ، وتجعل من أيام “اسرائيل” العاديّة معدودة..