الهند تشتري اس 400 وتخرج من عباءة أمريكا
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
على عكس ما أشاعته أمريكا، وما قاله الكثير من المتعبّدين في معبدها المتداعي، وما راهنوا عليه، فقد وجّهت زيارة بوتين للهند صفعةً مؤلمةً للمشاريع الأمريكية التي عُملَ عليها لمدةٍ طويلة…
فالرهان على شقاقٍ هنديّ صينيّ روسيّ، ووضع اليد الأمريكية على آسيا، وبحر الصين والباسيفيك، كان شغلا شاغلا للأمريكيين منذ زمنٍ طويلٍ واشتدّ السعي له بعد أن أيقنت المؤسّسة الحاكمة الأمريكية بحتميّة هزيمتها في الشرق العربيّ والاسلاميّ، وتضمّن تقرير بيكر هاملتون 2006 الخطط الاستراتيجية وتغيير الأشرعة والاتجاهات، مصمّماً على إخلاء الوجود الأمريكيّ من الشرق العربيّ والإسلاميّ والتحوّل إلى آسيا والباسيفيك، فهنا ثبت أنّ الأمم والشعوب تشكّل قوىً صلبةً في مقاومتها، وقد وجّهت ضرباتٍ قاتلةً للغزوات الأمريكية وأزّمت أمريكا اقتصادياً واجتماعياً وغيّرت فيها، بينما في آسيا تصعد القوى القطبيّة الكبيرة، وتتّحد الصين وروسيا على تقليص الوجود والمكانة الأمريكية العالمية…
والهند بالنسبة للاستراتيجيين الأمريكيين ساحةٌ مفصليةٌ لتقليم أظافر الصين، والحدّ من صعود روسيا بل إشغالهما بحروبٍ محلية، واستنزافهما إلى الحدّ الذي يمنعهما من التقدّم بينما تفرض أمريكا هيمنتها لتعيد صياغة مشروعها للقرن الأمريكي…
ناورت الهند كثيرا، وهي دولة كبيرة وقوية وديموقراطية، وصاعدة اقتصاديا، وعارفة لما تريده، ولم تغفر للأمريكيين والبريطانيين التآمر عليها طيلة القرون الماضية، والسعي لتفتيتها والعبث باستقرارها وبنيتها، والهند الدولة العريقة كالصين وروسيا تراقب أمريكا وتعرف سياساتها وأهدافها، وليست مجرّد محميّة موز، أو مشيخةٍ نفيطةٍ تعطي ترامب بلا حساب وتعتمد على الأمن والمرتزقة الأمريكيين في حماية نظامها واستقرارها، وكانت لاعباً عالمياً نشطاً ومن بين الدول المؤسّسة لكتلة عدم الانحيار، ورغبتها باحتلال مكانتها بين الدول والأمم لم تخبو أبدا، وتعرف قيمة الجوار، والمصالح، وتبني سياساتها بهدوءٍ واتّزان…
وعند ساعة الصفر، حيث يستحقّ الموقف أن يعلن، قررت أن تشتري صواريخ الـ “اس 400” من روسيا رافضةً الاملاءات الامريكية، وأدارت الظهر لتهديداتها بفرض العقوبات، وقد سبق أن تمرّدت على العقوبات الأمريكية والتهديدات بشأن شراء النفط الايراني، وبهذا الاعلان الهندي تُوَجَّهُ صفعةٌ قويةٌ جدّاً للرئيس ترامب وللمشاريع الأمريكية في آسيا والعالم، فالكلّ بات يرغب بأن يتمرّد ويتحرّر من التبعيّة والإملاءات والفروض التي تمارسها أمريكا بعنجهيّةٍ وبلطجة..
روسيا تتقدّم، وسلاحها يهيمن على السوق العالمية، والعالم يتمرّد على ترامب وأمريكا التي ستجد نفسها بعد حينٍ في عزلتها وتضطرّ للتراجع إلى جزيرتها لتحتمي مرّةً أخرى بالمحيطات، فعالم الهيمنة الأمريكية انتهى ولم يعد أحدٌ يقبل اشتراطاتها ولا يطلب ودّها، ولن يستجيب أحدٌ لطلبات ترامب غير المنطقيّة والعدوانيّة، ولن يبقَى لها إلّا مشيخات الخليج إن كانت قادرةً على الطاعة، ولو أنّ بعض الكلام الصادر عن القيادة السعودية والأمير بن سلمان تفيد بأنّ السعودية باتت عاجزةً وغير قادرةٍ على تلبية وتأمين نهم ترامب للأموال…
أهلاً بروسيا وآسيا ودول الجنوب الصاعدة….. باي باي أمريكا…
فالحقّ ينتصر ولو بعد حين..