القس برانسون في البيت الأبيض، والخاشقجي في ذمّة الدولار..
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
ترامب في انتخاباته الكاسرة للتوازنات يحتاج أصوات الانجيليين في الولايات المتحدة، ولتحقيق انتصاره في الانتخابات النصفية لا يتوانى عن القيام بأي شيء، فهو محاربٌ شرسٌ ويريد الولاية وحسم الصراع مع المؤسّسة الحاكمة، بأيّ ثمن، وإن كان تفجير أمريكا نفسها، وكان قد هدّد بذلك في الانتخابات الرئاسية ولمّح لتخريب الولايات المتحدة إن خسر…
لكنّه في الجولة الجديدة، أصبح مقتدراً في البيت الابيض، سلطاناً يأمر فَيُطاع، ويرحِّل من أراد بمجرّد تغريدة، ويتخلّى عن أقرب المقرّبين ما دام الأمر يفيده في معاركه للإمساك بعنق أمريكا وإجراء التغييرات الجدّية في سياساتها ومكانتها والتزاماتها…
عينه على أمرين الآن، ولن يترك فرصته تفوت: أموال السعودية والمشيخات، ولهذا يكرّر دائما: إنّهم أغنياء ونحميهم وليدفعوا وسيدفعون، وهذه تعطيه مكاسب في الرأي العام الناخب، وفي مراكمة إنجازاتها الاقتصادية في أمريكا التي تشهد نموّا، وانحسارا للبطالة، تعطيه الورقة الرابحة، وقد أعطاه أردوغان فرصته الذهبية بإطلاق سراح القسّ برانسون بلا أيّ ثمن، فقط تحت التهديد….
برانسون سيقت له في تركيا كلّ التهم، من كونه أحد أركان انقلاب غولن، إلى تنصير المسلمين، ودعم الارهابيين، وبرغم كل الاتهامات جرى إطلاقه بحسب أجندات ترامب السلطان وليس أردوغان الساعي الى السلطنة على صفيحٍ حارقٍ لشدّة سخونته…
ترامب لا يهتمّ للحريّات الإعلامية ولا الحريّات الشخصية ولا قواعد العلاقات الديبلوماسية العالمية ولا القوانين والاتفاقات، ما يهمّه من بني سعود الأموال فقط، فلهم أن يخطفوا وأن يقتلوا، وأن يحاربوا من يشاؤون، المهم أنّهم يشترون السلاح الأمريكي، ويدفعون المليارات وبلا حساب…
أردوغان، مأزوم، وسلطنته على كفّ عفريت الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وعلى قاب قوسين من فقدان الأمل باستعادة العثمانية، فاتفاق ادلب كسر ظهر جيشه الإسلامي العثماني وجعل من تركيا أداةً روسيةً لتنظيف ما تسبّبت به….
فالتضحية بأحد أركان حركة الاخوان المسلمين العالمية “خاشقجي”، والتنكّر لمسؤوليات دولةٍ طالما اعتدّ بها وبسيادتها ومكانتها وتاريخها، وقد وقع الخطف والإخفاء على أرضها، أمرٌ يسيرٌ ما دامت حركة الاخوان تتعامل مع أردوغان أنّه مرشدها الأعلى، وتناصره حيث وأين ذهب ومهما افتعل، وفتاوى المصلحة العليا جاهزة عند مشايخ الحركة… والخاشقجي في عرفها ليس إلّا “كبشاً” للتضحية به عندما تستوجب أوامر السلطان…
الأمور بالنسبة لاردوغان لا تختلف كثيرا عما هي عليه عند ترامب، الدولار، والأموال، نفط المشيخات واستثماراتهم أفضل بألف ألف مرة من حياة الخاشقجي، فهو مجرّد رقم في حسابات مصالح السلطان….
مكالمة من ملك السعودية، سبقها وفدٌ رفيع المستوى الى تركيا، وبين الأمرين عروضٌ مغريةٌ لأردوغان، ربما أنهت عاصفة الخاشقجي ولن يصير لأمره اهتمام…
فبين ابن سعود، وأردوغان، وترامب، لا قيمة للدم وللحرية وللتعاقدات والقوانين والوثائق، فقد نفط ودولار…
في الرأي العام العالمي ربما الامر مختلف، وعند المؤسسة الامريكية الحاكمة ومع الحزب الديمقراطي والاعلام الامريكي الشرارة ليس من السهل إطفاؤها، وحقول الثلاثة يابسة والشرارة في أواخر أيلول حارقة ليست كنيران الشتاء او الربيع…