تونس تطلق شرارة الجولة الثالثة من الحراك الشعبي العربي!
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
نظّم اتحاد الشغل في تونس إضراباً عاماً شارك فيه أكثر من سبعمائة ألف في القطاع العمومي “موظفي الدولة” وشاركت فيه مختلف قطاعات الشعب والنقابات بما فيها نقابة حراس الرؤساء والمؤسسات الحكومية.
وأيّد الإضراب كخطوة أولى في سياق حراكٍ اجتماعيّ واسع ومنظّم ومتصاعد، عددٌ من أحزاب قوى المعارضة وعلى رأسهم الجبهة الشعبية التي بقيت أمينةً على الحراك الثوري ولم تنخرط في صفقات إدارة الدولة بعد رحيل الرئيس التونسي السابق…
نداء تونس، حزب الرئيس، وحركة النهضة “الاخوان المسلمين”، والجيش في الخلفية، الاستخبارات الاوروبية والامريكية نجحوا في إجهاض الحراك الثوري، وأُريد لتونس التي أطلقت شرارة البوعزيزي فيها النار في هشيم العرب وضربتهم في كلّ الاتجاهات، أن تكون نموذجا لهيمنة الاسلام المعتدل في سياق التفاهمات التاريخية بين البنتاغون وحركة الاخوان المسلمين، والهدف قطع المسارات الثورية، بتسليم العرب وقيادتهم لحركة الاخوان المتفاهمة عميقا مع أمريكا و”اسرائيل” والاتحاد الاوروبي…
إلّا أن الجيش العربي المصري أسقط المحاولة ووضع حدّا نهائيا لها، وأجهضها من أساسها، وكان لسوريا وجيشها العربي أن فكّك ومنع الاخوان وقيادتهم التركية والقطرية من ان يكون لهم شأن في العرب والمسلمين…
تونس كانت الشرارة، وأُريد لها أن تكون واسطة العقد، فهي على حدود ليبيا، وكان لاخوانها دورٌ محوريٌّ في مؤامرة غزوها وتدميرها ومدّها بمسلحي الاخوان واحتضانهم وتأمين المدد من الارهابيين لسوريا والعراق، ولعبت النهضة دورا محوريا في تغذية الارهاب المتوحش، ووصل عدد المسلحين من تونس في الحرب السورية الى ارقام كبيرة جدا، حتى أنّ فتوى جهاد النكاح انطلقت من تونس، وزُجّ بالتونسيات في هذه المجزرة المقرفة والقذرة…
غير أنّ زمن تونس يعمل بايقاعات الشعب الاخضر، والواعي والمدرك، فلم يعطِ الاخوان وحركتهم الكثير من الزمن، وبدأت تنحسر وينكشف عسفها وفسادها وتبعيتها السياسية والامنية للاستخبارات الامريكية والاوروبية ومشروعها الاقتصادي لنهب وإفقار الشعب التونسي تحت وصايا وشروط صندوق النقد الدولي…
تأزّمت العلاقة بين حركة النهضة والشعب التونسي، فلاذت الحركة بخطوة ذكية وأعلنت الفصل بين الدعويّ والسياسيّ “اعلان علمنة الحركة” ثم حاولت تقديم نفسها حركةً مدنيةً حواريةً وسعت الى القبض على السلطة عبر الوسطاء والواجهات كالرئيس الحالي رئيس حزب نداء تونس وتحت ضغط الازمات الاقتصادية وشيوع فساد مشايخ الحركة وأعضائها وحالة الافقار، تحركت قطاعات شعبية وأقفلت طرق شركات الفوسفات والنفط ووقعت صدامات مع قوى الامن ما أدى الى انفجار التحالف بين السبسي وحزب نداء تونس وحركة النهضة وصارت الازمة الحكومية صارخة…
ذهبت النهضة الى تفكيك “نداء تونس”، وفرضت حكومتها عنوةً، وبذلك وفّرت أسباباً عمليةً وموضوعيةً لانهيار تحالفها مع السبسي، وأصبحت الطغمة الحاكمة في تونس على درجة من الخلافات والصراعات المحتدمة وهذه عين الشروط الواجب توفرها لحراك ثوري جديد…
اتحاد الشغل في تونس، حركةٌ عماليةٌ مستقلةٌ حافظت على وحدتها وعلى دورها المحوري في تحديد خيارات تونس واتجاهاتها، وعلى وقع أزمة اجتماعية اقتصادية مالية تنذر بحالة إفلاس الدولة وموازناتها المنهوبة، وتشقّقات تحالفات الطبقة الحاكمة والمهيمنة، بدأ الحراك الاجتماعي بقيادةٍ واعيةٍ مجربةٍ عابرةٍ للمناطق والولاءات السياسية باعتبار تونس من مذهبٍ واحدٍ ولا طوائف على طريقة لبنان للاستثمار فيها.
تعود تونس محرّك ومشعل شرارات الثورات ومراحلها الجديدة، وبطابعها الاجتماعي الحياتي والسيادي، وبين تونس ولبنان “قرطاج” حبل سرة، وبحر، وتجارة وازمات وفساد وولاءات للخارج..
شرارة تونس هذه المرة ستجتاح أيضا كما شرارة البوعزيزي، وأول المتأثرين لبنان والاردن وعموم المغرب العربي…