الأكراد السوريون ومصيرهم المحتوم
خليل موسى موسى – دمشق
بعد القرار الاميركي بالانسحاب من سورية ترك الأكراد إلى مصيرهم الذي بات واضحَ المعالم، فإما مواجهة مع التركي في ظل التهديدات الأخيرة، أو تجنب ذلك بالعودة إلى الدولة السورية.
موقع قناة المنار أجرى لقاءً خاصا مع السياسية الكردية بروين ابراهيم الأمين العام لحزب الشباب للبناء والتغيير والتي اعتبرت ان ” الأكراد هم مكون أساسي من مكونات الشعب السوري، ولهم مطالب وحقوق، ولكنهم منقسمون لأحزب كردية، منهم حزب الاتحاد الديموقراطي وهو جزء من “قسد”، فهؤلاء لهم موقفهم، وبالمقابل يوجد أحزاب كردية مع الدولة السورية، وهي جزء من الجبهة الوطنية التقدمية، والشارع الكردي له موقفه بانتمائه للشارع السوري ومنهم من هو في حزب البعث العربي الاشتراكي، أما الأحزاب التي كانت معارضة فقد ندمت على مواقفها وعادت إلى الدولة السورية”.
وأضافت ابراهيم “إن قسد أمام أمرين واقعيين، أولهم تخلي الولايات المتحدة عنهم، والثاني تهديد تركيا لهم، ما يضعهم أمام خيارين، إما العودة للدولة وهو الخيار الغالب، أو مواجهة تركيا عسكرياً”، ويجدر هنا الإشارة إلى أن نصف قوات “قسد” هم من العرب الذين إذا علموا بأي تقدم للجيش السوري، فإن هذا القسم سيتخلى عن قوات سوريا الديموقراطية ذات القيادة الكردية، وينضم إلى الجيش مباشرة.
بروين ابراهيم عادت قليلا بالأحداث، وما جرى من دعم حكومي سوري للأكراد، تحديداً وحدات حماية الشعب الكردي، وقالت :” كان هناك تنسيق سابق بين الجيش السوري وهذه الفئة من الاكراد، بهدف حماية المناطق، والجيش السوري قدم أسلحة لوحدات حماية الشعب، وهنا تحاول ابراهيم توضيح أنهم لم يوجهوا سلاحهم للدولة إنما هناك شباب غير منظمين من الأكراد أقدموا على خطوات ضد الدولة، منها حادثة الأمن العسكري، وبعض الحوادث التي باتت معروفة، وتشير إلى أنهم عوقبوا من قبل الوحدات”.
ثم عادت محدثتنا لتؤكد أنه “لا خيار أمام الأكراد الآن إلا العودة والاندماج مع الدولة السورية وهذا ما تراه المنطقيُّ الوحيد بين خيارات الأكراد في ظل هذه المتغيرات”.
وبالنسبة لموضوع أكراد سورية رأت انه”هناك إيديولوجية متشددة، ونموذج قريب من النموذج الموجود في منطقة “جبل قنديل” الكردية، فإنها موجودة فقط ومعممة على عناصر “قسد”، أما الأكراد بشكل عام، وهم قسم كبير، فهم علمانيون يسعون للتواجد في الدولة السورية والحفاظ على ثقافتهم”.
وانتقلت في حديثها إلى مرحلة الانتقال السياسي، فالدولة حسبما نقلت ابراهيم لموقع المنار، هي الحاضنة الأكبر، لتغيير تلك الثقافات والمنهج الايديولوجي المزروع في الشمال السوري، متخذة مثالاً على ذلك، ما كان في المناطق التي كانت تحت الفكر الداعشي، وعادت لسلطة الدولة السورية، ومنها الغوطة، وهذا دور الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني، مؤكدة ذلك لأن الدولة السورية لم تعِد الأكراد بأي دولة كردية ولا وضع انفصالي، فما للأكراد إلا الدولة السورية التي ستحتضنهم وتعيد تأهيل ما تم تخريبه فكرياً عند الأكراد من قبل من وعدهم – أي أميركا ومن معها، وهذا ما سينعكس سلباً على الإدارة الذاتية وحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي.
بروين ابراهيم وأثناء وجودها ضمن المباحثات التي جرت بشأن الأكراد، والتي أجرتها روسيا، بشأن وضع عفرين، أكدت أن” المكون الكردي كان رافضا للقتال أو مواجهة أردوغان، ولكن الفصيل العسكري أي قوات سوريا الديموقراطية ومكونها الأساسي حزب الاتحاد هم أشخاص مؤتمرين من الخارج، وليس من شأنهم القتال من أجل قضية، مثلهم مثل باقي الفصائل في “الجيش الحر” وغيرهم ممن واجهوا الدولة السورية، فليس أمامهم إلا تنفيذ الأوامر الموكلة إليهم بشأن القتال أو إيقافه، أما الكرد فهم رافضين تماماً لموضوع القتال والمواجهة وأي مشكلة تقع يتم تحميلها لقيادات حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، فهناك نداءات لدخول الجيش من بقية الأحزاب الكردية والكوادر الشعبية والمثقفين الكرد من أجل دخول الجيش إلى مناطقهم”.
وأثنت بروين على توجيه الرئيس بشار الأسد على رأس الدولة السورية،بالحوار مع الكرد وإعطائهم حقوقهم أسوة بباقي السوريين ، فالاتحاد الديموقراطي ظلموا أنفسهم وظلموا الشباب الذين انضموا إليهم ليظهروا لاحقاً أنهم قضوا جراء قتالهم من اجل دولة انفصالية حسب بروين ابراهيم في إشارتها الصريحة حول رهانات خاطئة لبعض الجهات الكردية حول تحالفاتهم، وهذا ما خلق مسافة شاسعة في التوجه بين الشارع الكردي وقيادات أحزابه الموجودة خارج البلاد، فالمكون الشَّعبي الكردي وعدد كبير من الأحزاب يرى أنه لا خلاص إلا بالعودة للدولة السورية، على عكس قيادات “قسد”.
إلى هذا كله وعلى ما سبق من معلومات، يتضح أن الدولة السورية تعاملت مع الأكراد على أنهم مكون سوري، ودعمته منذ بداية الأحداث، ولكن ما مر من أحداث لاحقة واجراءات اتخذها قسمٌ من هذا المكون، جعل الأكراد يدخلون في دوامةٍ مخرجُها ضيّق، خاصة بعد وقوع الأمر المتوقع بتخلي الحليف الذي استخدمهم في المنطقة، وتركهم الآن لمصيرهم.
المصدر: موقع المنار