الجامعة ستستعيد عروبتها…
ها هي الدول العربية تتسابق لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع سورية، وتستعد لإنهاء تعليق عضويتها في الجامعة العربية، ومن الطبيعي أن ترحّب دمشق بذلك، فللسياسة منطقها الخاص الذي قد لا يُعجب البعض ممن يعتقد أنه لا يجوز مصافحة اليد العربية الممدودة لأنها ملوثة بالدم السوري…
لا يغيب الدور التآمري والإجرامي والتدميري الذي لعبته بعض الدول العربية، وليس كلها، في تنفيذ المشروع الأمريكي الصهيوني القاضي بإسقاط الدولة الوطنية السورية ونهجها السياسي العروبي المقاوِم، لا يغيب عن ذهن القيادة السورية. ولكن منطق السياسة الناجحة هو منطق عقلاني وواقعي ومبدئي، وهو المنطق الذي ميّز ويميّز السياسة السورية والأداء الدبلوماسي السوري…
يجب ألّا ننسى أولاً أن مشكلة سورية كانت مع أنظمة عربية رجعية وعميلة للعدو الأمريكي الصهيوني، ولذا فلا يجب تحميل مواطني الدول التي تحكمها تلك الأنظمة ذنب ما اقترفته من جرائم بشعة بحق السوريين، فأغلب هؤلاء مغلوبون على أمرهم، ومع ذلك فقد وقفت بعض القوى الشعبية والسياسية العربية موقفاً تضامنياً معلناً مع سورية، وعارضت موقف أنظمتها الحاكمة قدر ما استطاعت. وهذا التفريق بين الأنظمة والشعوب هو ثابت من ثوابت السياسة السورية، تماماً كما هو رفض تحميل العروبة الأخطاء القاتلة التي ارتكبها الحكام العرب، ورفض تحميل الإسلام الجرائم الوحشية التي ارتكبها الإرهاب التكفيري…
لنلاحظ ثانياً أن من يطلب إعادة العلاقات الدبلوماسية وإنهاء تعليق العضوية السورية هم أولئك الذين ارتكبوا هذا الخطأ الفادح، وليس سورية، ما يعني أن العودة، في هذه الحالة، هي عودة العرب (المستوى الرسمي) والجامعة إلى سورية وليس العكس. وهذا في حد ذاته اعتراف بيّن بانتصار سورية على المشروع المعادي ومنفذيه الوكلاء والأصليين، كما أنه مؤشر على أن أدوات ذلك المشروع من العرب لم يعد في استطاعتهم منع سورية من جني الثمار السياسية لانتصارها الميداني الذي حققته بأعظم التضحيات، وأن حال الجامعة العربية، بعد إنهاء تعليق العضوية السورية، لن يكون كما كان قبله، فالمنظمة التي أصبحت أداة طيّعة لخدمة أهداف أمريكا و”إسرائيل” لن تستمر كذلك بوجود سورية المقاومة والعروبة فيها، وهي ستستعيد بالتأكيد نفَسها العروبي الذي حاول أعداء العروبة، ممن ادعوا كذباً وزوراً الانتماء إليها والتكلم باسمها، خنقه والقضاء عليه، وكم علينا اليوم أن نتذكّر خطاب السيد الرئيس بشار الأسد في جامعة دمشق بتاريخ كانون الثاني 2012، والذي أكد فيه أن الجامعة هي الخاسرة بخروج سورية منها.. وإذا علقوا عضوية سورية، فإنهم يعلقون عروبة الجامعة، وليس عروبة سورية”.
انتصار سورية وحلفائها في هذه الحرب التي لم تنته تداعياتها الإقليمية والدولية بعد، هو انتصار تاريخي للعروبة، وبإنهاء تعليق عضوية سورية من قِبل الذين قاموا بهذه الخيانة القومية الكبرى، ستستعيد الجامعة العربية عروبتها، وتنتهي الحالة الشاذة التي عاشتها منذ تشرين الثاني 2011.
بقلم ..محمد كنايسي