عندما تُهزم الدول تفتش عن اتفاقياتها القديمة.. تركيا واتفاقية أضنة!
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
ما أن لاحت بوادر هزيمة عملاء “اسرائيل” في الجبهة الجنوبية والغربية في الحرب السورية، حتى سارعت “اسرائيل” الى اعادة استدعاء قوات “الاندوف” الدولية التي طردتها هي وقام عملاؤها من المسلّحين باختطاف ضباطها وترحيلهم… وبدأت تلوك الافكار وتسلّط الاضواء على اتفاقية فكّ الاشتباك الموقعة 1974 ثم استحضرت الاتفاق في المفاوضات التي أجرتها روسيا لتسهيل عملية انسحاب الخوذ البيضاء ومسلّحي المعارضة من القنيطرة ودرعا، وكانت الاتفاقية بين نقاطٍ على جدول أعمال قمة هلسنكي بين ترامب وبوتين، وفي بيانها أعلن الرئيس بوتين ضمان أمن “اسرائيل” استنادا لاتفاق فصل القوات 1974 ومندرجات القرار 338 الذي يفصل في تطبيق القرار 242 القاضي بالانسحاب الاسرائيلي الى حدود 4 حزيران 1967…
على ذات المسار تذكّر الرئيس أردوغان ووزير خارجيته اتفاقية أضنة 1998 في قمة موسكو مع الرئيس بوتين، وبدأ الحديث يدور حول الاتفاقية وضرورة العودة لتفعيلها، واللافت أيضا أنّ بوتين وروسيا أصبحت الطرف المحكّم في تفسير الاتفاقيات كما في الجولان كذلك في الشمال السوري….
في التطابق بين الحالتين الاسرائيلية والتركية ومحاولات استحضار اتفاقياتٍ تاريخيةٍ وعتيقةٍ كانوا هم من تملّص منها وتجاوزها وتطاولوا على السيادة والارض العربية السورية وأرسلوا جندهم وخبراءهم وعملاءهم وأشاعوا أوهام إقامة المناطق الآمنة والاحتلالات غربا وجنوبا وشمالا، ثم يعودان فيلوذان بالوسيط الروسي ويستحضران الاتفاقات القديمة ويطالبان بإعادة تفعيلها وهم من خرقها ومزقها ….
حالة تركيا اليوم و”اسرائيل” بالامس القريب تطابق المثل القائل “عندما يفلس التاجر يبحث في دفاتره القديمة”، وانطلاقا من هذا، يمكن القول إنّ الهزيمة أصابتهما، والمهزومون يتصرفون بإزاء المنتصر على نفس الشاكلة، فيحاول المهزوم ترميم الهزيمة بالعودة الى ما كان من اتفاقات نُسجت في زمنٍ ماضٍ ومختلفٍ وفي توازن قوىً مختلف، فالاتفاقات عندما تُنسج تعبّر عن واقعٍ في زمنها وعندما يكسر طرفٌ الاتفاقات ويتجاوزها ويخسر، يصبح من حقّ الطرف الثاني وحده أن يقرّر في شأن الاتفاقات الممزقة والمخروقة، وللمنتصر الحقّ والقانون والقوة ليفرض مشيئته بتعويم ما كان أو باعتباره اندثر، وعلى مسؤولية من قتله وكسر قواعده وتنصّل من التزاماته …
كيف وماذا ستقول سورية في أمر اتفاقية “أضنة” وهل ستعيد تعويمها؟؟
الأمر في يد دمشق ولرأيها وحدها، وإن هي قالت كلمتها بدبلوماسيتها الهادئة المعهودة، فهذه عاداتها، لكنها أيضاً اعتادت ألّا تقبل من المعتدي أن يتحكّم بالزمن والتعاقدات على هواه فيكسرها ويخرج عليها وعندما يهزم يسعى لاستعادتها…
سورية الآن حرّة من تلك الاتفاقات، وعلى قرارها وحدها يتوقف مستقبل تطبيقها وبشروطها، أو بإمكانها اعتبارها لاغيةً لا قيمة لها وعلى مسؤولية تركيا كما فعلت في اتفاق فكّ الاشتباك مع “اسرائيل” ويجري ربط النزاع بانتظار ما ترسو عليه المعادلات والتوازنات، وكلّ مؤشراتها أنها في صالح سورية وحلفها، وسورية التي لا تستعدي ولا تعتدي على أحد لا تسامح ولا تفرّط بالحقّ وبالتعويض…
تركيا تقرّ بهزيمتها في سورية وبسقوط مشروعاتها للهيمنة والعثمنة على مسارات “اسرائيل” المهزومة في سورية والمأزومة بنتيجة هزيمتها…
وعلى الجبهتين تتقدم روسيا حليفة سورية والمقاتلة معها كوسيط للتفاوض وتفسير الاتفاقات العتيقة التي مُزّقت وفي هذه أيضاً دلالاتٌ وعبرٌ جديدةٌ ومؤسّسة…