فشلت أمريكا في فنزويلا… فماذا عن الجزائر والسودان
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
أمريكا العدوانيّة والتي شبّت على إبادة الأمم وعمليات القتل والتدمير حيث ذهبت أو حلّت أو طُلِب منها أن تكون، لن تكفّ عن المحاولات للتدمير والاحتلال أو الإخضاع، وهذه واحدةٌ من سماتها التكوينيّة، فمن شبّ على شيءٍ شاب عليه..
أمريكا بمختلف عناصر وتيارات دولتها العميقة ومؤسستها الحاكمة أقرّت مرّةً بعد أخرى بأنّها هُزمت في الشرق العربي والاسلامي، وصدر تقرير بيكر هاملتون بصفته أهمّ وثيقةٍ استراتيجيّةٍ أمريكيّةٍ شارك في صياغتها كلّ أطياف وخبراء وجيوبولتيكيي أمريكا عام 2006، مقرّاً بالهزيمة والعجز… لكنّ أمريكا العدوانيّة لا تستسلم ولا ترفع الراية البيضاء، بل تحاول وتبحث وتعيد هيكلة استراتيجياتها ومناطق تركيزها المحورية، فالحروب والإبادة هي طريقة أمريكا للحياة والبقاء في قمّة الهرم العالميّ ولو من موقع المؤثّر…
هذه البنية والعقليّة تفسّر لنا كيف أنّ ترامب الانسحابيّ، والقائل بأولويّة أمريكا وإعادة هيكلتها لتأمينها اجتماعيّاً واقتصاديّاً، والقائل بعدم قدرة أو إرادة أمريكا لتبقى شرطيّ العالم وشرطيّ الشرق الأوسط، تراه ينقل الحروب إلى أمريكا اللاتينيّة “الحديقة الخلفيّة للبيت الأبيض بحسب مبدأ مونرو” ويهدّد ويحشد القوى والحلفاء، وكما بدى في سنوات حكمه فهو جادٌّ، يحاول ويحشد وإن توفرت له الشروط والظروف يبدأ… لكن في فنزويلا وعموم أمريكا اللاتينيةّ، تبدو الأمور مختلفةً، فمحاولات الانقلاب التي نفّذها عملاء أمريكا أفشلها الشعب الفنزويلي وجيشه بالالتفاف حول الرئيس الشرعي وبرفض التعاون مع الانقلابيين، وكل ما بذلته أمريكا في المنظمات الدولية باء بالفشل، فروسيا والصين وبعض دول مجلس الامن تقف بالمرصاد، وفي محيط فنزويلا تمرّدت البرازيل كبرى الدول ورفضت ان تكون شريكا في الغزو، وبذلك يبدو أنّ احتمالات الحرب والغزو ليست ذات قيمةٍ فعليةٍ وغالباً ستستبدلها أمريكا بمحاولة إشعال حروب أهلية محلية.
ولأنّ ترامب يعجز في فنزويلا، وأمريكا لا تعيش بدون خلق الازمات والتوترات في العالم، بدأت آلتها للتدمير الاخلاقي والقيمي وحرب الافكار والاعلام تدور دوائرها في الجزائر المحطة الهامة لجهة نفطها وثرواتها وقربها من أوروبا وجغرافيتها الحاكمة في عموم أفريقيا وأفريقيا العربية، وكالعادة تنجح أمريكا في الاصطياد بالازمات المحلية وبالتوترات بين أركان الطبقات الحاكمة، وفي تخلّف وسائط التفاعل والشراكة الشعبية…
ولأنّ البحر الأحمر منطقة خطرة ومنطقة غلاف للكيان الصهيوني والاسر الخليجية الحاكمة، وعين روسيا والصين عليها، وحاولت فيها تركيا، ولأنّ السودان حاول أن يكون متمرّداً وله دور مختلف، وتنقّلت قيادته من حلف الى حلف، وتضربه الازمة الاقتصادية والاجتماعية ويتصاعد حراكه الشعبي على طريقة “الربيع العربي” وبذات قواه التي يمكن اختراقها وحرفها حتى ولو كان محقا، فتجد أصابع أمريكا في الانقلاب الابيض الذي نفذه الجيش السوداني وألزم الرئيس البشير حلّ الحكومة ومجلس النواب وتغيير الولاة، وفرض حالة الطوارئ، والتزم بعدم الترشّح للانتخابات الرئاسية السنة القادمة، وبهذه الاجراءات التي أملتها أمريكا يدخل السودان في حقبةٍ من التوتّرات قد تتطوّر، وقد لا ينجو منها، وهو عرضةٌ للتقسيم والتفتيت والاحتواء، فأمريكا المأزومة والمهزومة في الشرق العربيّ ستبقى تبحث عن مسارح حروبٍ وسيطرةٍ وتنقل أدواتها من منطقة الى منطقة ومن مسرحٍ إلى آخر…
لن يتخلّص العالم من الحروب وحروب إبادة الأمم ومؤامرات التقسيم والإسقاط إلّا بالخلاص من أمريكا نفسها، وبأقلّ الممكن، إعادتها إلى جزيرتها مأزومةً لتضربها الأزمات وتلتهي عن سيرتها وطبائعها في الحروب والغزوات والتدمير لاستعباد الشعوب..