لافروف في جولته الخليجية: متّفقون مع السعودية على آليات العمل في سوريا….
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
ولّى زمن أن تُملي أمريكا أوامرها وتفرض مصالحها في العرب وإقليمهم بلا منازع أو منافس….
استُنفذت صلاحيات الأدوات والنظم والجغرافيا التي ورثتها أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية نواتج التوافقات الاستعمارية الاوروبية بعد الحرب العالمية الاولى وكرّسها مقصّ سايكس – بيكو والتعاقدات والتحوّلات العالمية، وتوازناتها التي جرّت برمّتها في غير صالح العرب وإقليمهم…
فالكيان الصهيوني فقد كلّ مبرّراته وقدراته وعناصر قوّته، وبات مأزوماً يتحصّن بالجدر شمالاً وجنوباً ويرتهب من غزة ومن احتمالات انفجار الضفة والجليل، ويعجز عن مجرّد التحرّش بلبنان ومقاومته، ويرتهب لما سيكون عليه الجيش العربي السوري وقدراته وسلاحه.
والنظم الأخرى برمّتها إمّا مأزومة أو مستنزفة أو على شفى الانفجار من الجزائر إلى السودان والأردن ولبنان….
والأهمّ في التحوّلات ما يشهده الخليج العربي وأسره الحاكمة ومشيخاته، فالسعودية مأزومة، ويقال عن صراعٍ باتت عناصره كثيرةً بين الملك سلمان وخليفته المفترض الأمير محمد، والسعودية وقدراتها المالية والنفطية والوهابية نضبت ولم تعد ذات شأن في تخديم المشاريع الاستعمارية، وفي أمريكا انقسامٌ عموديٌّ بما يخصّ العلاقة معها، فالسعودية وترامب متّهمون، وأكثرية المجتمع الأمريكي ضدّ الأسر الحاكمة ويحمّل السعودية الأزمات وصعود الارهاب وتمويله، وأحداث 11 أيلول وتبعاتها، كما يحمّلها مسؤولية إسناد ترامب الذي يراه الكثيرون قد اغتصب البيت الأبيض وتعمل جهاتٌ نافذةٌ لتصفيته ومنعه من إتمام ولايته وحرمانه من ولايةٍ ثانيةٍ، وتبدو السعودية وأسرتها السليمانية عين هدف الحملات الإعلامية والديبلوماسية وقرارات السلطات التشريعية على غير رغبات ترامب ومصالحه وتحالفاته…
والأسرة السعودية العارفة بما وصلت إليه الأمور والمدركة لهزائمها في اليمن وفي سوريا والعراق وانكسار وهّابيّته وعجزها عن الاستمرار في تمويل النظم وحركات الارهاب العالمية، وقصور قدراتها ووسائطها لإسناد ودعم ترامب في حروبه الملتهبة في واشنطن، والكلّ يتلمّس عجزها الماليّ وانكفاء قدراتها على شراء الولاءات وتبعيّة النظم والحركات السياسية في العرب والمسلمين، وقد منعت من الانفتاح على سوريا وتحوّلاتها للاستقواء بها في وجه تركيا وخطر الانفجار الداخلي، والاحتماء من احتمالات الانقلاب الأمريكيّ عليها، تجدها وأميرها يبحث عن ملاذاتٍ للاحتماء، فقد قام بزيارةٍ آسيويّةٍ لتأمين باكستان بوعودٍ من الاستثمارات، وإلى الهند، ولتعزيز العلاقات مع الصين، والإشارة إلى أنّ السعودية ستبدأ تعليم اللغة الصينية في مدارسها…. وبكلّ حال، هي لاذت وتلوذ بالروسي بعد أن أدركت التحولات النوعية التي جرت في مكانة روسيا العالمية من المنصة السورية، وتوافقت الأسرة مع روسيا في الكثير من الأمور، وبالحدود التي سمحت لها ظروفها، وقدّمت الإشارات على رغبتها في تغيير أشرعة سفنها باتجاه آسيا الصاعدة، ويزيد من حاجاتها ما أطلقه الاتحاد الأوروبيّ من لائحة دولٍ منخرطةٍ في غسل الأموال ودعم الإرهاب وعلى رأسها السعودية وأسرتها.
في هذا الواقع، وعلى وقع هذه المعطيات، يمكن فهم جولة لافروف وما صدر من تصريحاتٍ تخصّ الأزمة السوريّة وموقف السعودية، وبذلك نفهم كيف عادت محاولات الانفتاح على سوريا ببطئٍ وعبر خطواتٍ جزئيّةٍ مدروسةٍ بانتظار ما سيتقرّر في واشنطن ومخططاتها.
السعودية ومشيخات الخليج لم تعد قادرةً على تلبية شروط أمريكا وحلفائها ولم تعد قادرةً على تمويل حروب أمريكا والغرب في العرب والمسلمين، فبدأت تميل كفّتها باتجاه آسيا من بوابة روسيا ودورها وسلاحها والصين والهند من بوابات الاقتصاد والتبادلات…
الزمن تغيّر والدول والسياسات تتغيّر، ولم يعد لأمريكا وحلفها ما تفعله لتغيير الواقع ومعطياته، ويصبح أحمقاً كلّ من ينخرط في ألاعيبها وفي مخططاتها، والقصد هنا الفريق اللبنانيّ الذي رحّب بساترفيلد القبيح.