الجولان بين الضمّ والتحرير يفرض نفسه أوّلاً… والوعد بأنّ القدس موعدها قريب
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة
الأحداث الكبرى تفرضها حاجات الأزمنة وحراك التاريخ وضروراته وصيروراته المقرّرة، لا يستطيع أحدٌ إلغاءها أو مجاوزتها، وفي هذه المنزلة تتقرّر صفة القيادة؛ فالقائد بكلّ الأعراف السماويّة والفلسفات الأرضيّة هو من يعرف الجاري اليوم وما سيكون غداً ويتدخل في الوقت والوسائط المناسبة ليكون الغد في صالحه.
هذه المقولة تشهد عليها كلّ أحداث التاريخ العظمى التي غيّرت ما قبلها، ولنا في ذلك الكثير، ومنها أنّ السيد حسن نصر الله شخصياً قال: لو كان يعرف أنّ أسر جنديين سيؤدي إلى حرب تموز لما فعلها، والسيد حسن من خير العارفين بالتاريخ وعناصره والزمن وأدواته وكيفية صناعته، ومقاومته التي انبثقت من شبه العدم وحققت ما تحقق لها من انتصارات، شاهدٌ لا يُدحض، ومع هذا فاجأه الحدث، ولو أنّ المقاومة انتصرت وغيّرت من القواعد الاستراتيجية للتوازنات الاستراتيجية للصراع العربي الصهيوني.
مناسبة قولنا هذا التنبيه بشدّةٍ وتعليق كلّ الاجراس: أنّ زمن الجولان قد أزف، وأنّ الأرض لم تعد تقبل التعايش مع الاحتلال واستمراره وغيّه، والأدلّة الوافرة كثيرةٌ، كذلك الشروط الموضوعيّة لقفزةٍ نوعيةٍ فيما يخصّ الجولان، وامتداداً فلسطين، وحال العرب التي لم تعد قابلةً للعيش على ما كانته…
نتنياهو المأزوم والمعرّض لخسارة السلطة مُصِرٌّ على إلزام أمريكا بإعلان الجولان أرضاً اسرائيليّةً أبديّة، وإصراره نابعٌ من حاجات الكيان لمكاسب ولو على الورق الأمريكي كما نقل السفارة إلى القدس، و”اسرائيل” في حالة “حيص بيص” وأزمات شتّى فقد انتفت أسباب وشروط تحكّمها وبقائها دولةً قائدةً مقرّرةً في الإقليم بعد هزائمها وهزائم حلفها على يد المقاومة وحلفها.
أمريكا في ارتباكها وأزماتها وانسحابها من سوريا، يحتاج فريقٌ نافذٌ فيها إلى اللوبي الصهيوني لتعديل توازنات القوى الداخلية، وهي في سنة تأهيل الإدارة للانتخابات الرئاسية 2020، وينشط لوبي نتنياهو ويحاول استصدار قراراتٍ تعترف بأنّ الجولان أرضٌ اسرائيليةٌ الى الابد، والتقارير الأمريكية الأخيرة تُسقط صفة الاحتلال الاسرائيليّ عن الجولان بما يتعارض مع كلّ منطقٍ وقانونٍ وشرعةٍ قانونيةٍ إنسانيةٍ وعالميّةٍ وسماويّة.
سوريا تخرج من حربها مالكةً لأفضل جيوش العالم وأكثرها مرونةً وتسليحاً وقدرةً على خوض الحروب، والمقاومة في لبنان في مأزق التمويل وتشديد الحصار، وكذا إيران وسوريا تعانيان من نقص الضروريات الحياتية.
إذاً، إنّها البيئة الوافرة لحدثٍ يتسبّب بتغيير كلّ القائم وقلبه، ولأنّ الزمن زمن المقاومة وانتصاراتها فقد بدأت سوريا حراكها الديبلوماسي وتصريحاتها التي حجبتها طويلا، وأنذر أسد الديبلوماسية بشار الجعفري مجلس الأمن علناً “أنّكم إن لم تلجموا “اسرائيل” فسيكون القصف بالقصف والمطار بالمطار”، وردّاً على السعي الاسرائيلي الأمريكي لاغتصاب الجولان وتأييده ولو على الورق ملكاً للكيان الغاصب والاستيطاني، سلّم نائب وزير الخارجية إنذاراً للأمم المتحدة؛ بأنّ صمت سوريا عن الجولان والإجراءات الاسرائيلية لن يطول، وإنّ أيّ تغيّرٍ في الوضع القانونيّ سيشعل الحرب.
تلك هي مقدّماتٌ وإرهاصاتٌ تفيد العارفين بحراكِ الأزمنة وحاجاتها، أنّ الامور السابقة انتهت صلاحياتها ولن تستمرّ على ما كانت عليه، فهل يصبح الجولان شرارة الحرب لاستعادة القدس التي كرّر السيد حسن نصر الله وعده بأنّ تحريرها بات قريبا؟