الحركة الأسيرة الفلسطينية الشاهد على عدالة القضية وأحقّيتها
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
كلما عجزت “إسرائيل” العنصرية عن التعامل مع المقاومة وأسلحتها البدائية في غزة كالطائرات الورقية الحارقة وتظاهرات حقّ العودة الكبرى، و-أو مع سلاحها المتطور والدقيق البعيد المدى كما في صواريخ غزة التي بلغت تل أبيب وأسقطت التفوق والقبة الحديدية وكل أنواع الدفاعات الجوية الاسرائيلية الامريكية، وكلّما ارتهبت من فدائيي الدهس والطعن وقد بلغوا رشد تأمين السلاح واستخدامه، تذهب للتنكيل بالأسرى، فهم بلا حول أو قوة، والزمن يجري في زنازينهم وهم يزدادون تمسّكاً بالقضية، وتتعزّز روحهم النضالية القابضة على جمرها، ويعدّون الأيّام والساعات لسماع أنباء عن تحريرهم لا ليحصلوا على حريةٍ زائفةٍ في معازل وسجون الضفة التي تديرها السلطة وأجهزتها، ولا لمجرّد رؤية الاهل والابناء، إنما للتمكّن من العمل بجدّيّةٍ ونضجٍ أكثر في سبيل عودة الحقّ والسيادة والتحرير الكامل لفلسطين الموقوفة والممنوع المساومة عليها بأمرٍ إلهي.
الحركة الأسيرة شكّلت على الدوام رافعةً وطنيّةً ثوريّةً واستحضرت القضية على حقيقتها القوميّة الملزمة كلما لاحت بوادر تنازلاتٍ أو صفقاتٍ أو توافقاتٍ مع الكيان الصهيونيّ، وكلما تراخت القوى والزعامات الفلسطينية أمام غطرسة المحتل وعدوانيّته وتوحّش المستوطنين واعتداءاتهم، تتقدّم الحركة الاسيرة وترفع قبضتها في وجه الجميع مُذكرةً أنّ الأسرى لا يساومون ولن يتخلوا عن ذرةٍ من تراب فلسطين.
في السجون التي دخلها غالبية الشعب الفلسطيني، وتمرّس بالنضال واختبر عسف الكيان وعدوانيته العاتية، تشكّلت وحدات الإعداد والتثقيف والتربية النضالية، وأعد السجناء – لا سيما المحكومون بمئات السنوات – كليات وأكاديميات علمية ونضالية، وأقاموا دورات الإعداد بجرأةٍ وثباتٍ وبعلمٍ ومنهجيةٍ لتبقى شعلة المقاومة، وكي لا تنطفئ، فمن السجون تخرّج معظم قادة الثورة الفلسطينية والانتفاضات ومنظمو الفعل الجماهيري والمسلح ونجحت الحركة الاسيرة بأن تصبح بديلا للأكاديميات الفكرية والعلمية التي كان واجب الحركات والفصائل والسلطة من اعدادها لتدريب وتعليم الشعب الفلسطيني النضال والثبات والقتال حتى النصر أو الشهادة…
وفي السجون ومع الحركة الاسيرة بقي الشعب الفلسطيني موحدا في قضيته حيث تنتفي الصراعات الثانوية والعقائدية والسياسية والفصائلية وتتوحّد ارواح السجناء وتتفاعل في قضيتهم الأم وليس في تفاصيل الزواريب السياسية والمكاسب الفصائلية او العائلية او الشخصانية والحزبية…
الحركة الاسيرة تعود اليوم لتصبح عنوانا اساسيا في النضال، وتحضر في المساومات وتفرض نفسها في تقرير ما يمكن ان تمرره الفصائل والسلطة من تنازلات لم يعد لها أيّ مبررٍ أو وهمٍ بعد أن أعلن ترامب أنّ البيت الابيض ليس إلا تفصيلا ومؤسسة في خدمة نتنياهو وتجديد ولايته وحمايته كتوقيع ترامب وريقات تأبيد القدس عاصمة للكيان، ومنح الجولان لنتنياهو غير معنيّ بالتفاوض أو السعي لتسويات أو لتعويم كذبة حل الدولتين قاطعاً أيّ أفقٍ أو أيّ وهمٍ بإمكان اختراع حلٍّ للقضية الفلسطينية بمبدأ الارض مقابل السلام أو التعايش بين دولتين، وبينما تجري التحضيرات المتسارعة لإعلان حلٍّ لتصفية القضية الفلسطينية تعترف بموجبها أمريكا بغزة كدولة فلسطينية وتلزمها لمصر، وتلحق ما بقي من معازل الضفة بالسلطة الاردنية وتبديد قضية العودة والحلم بدولة فلسطينية او بفلسطين، تعود الحركة الاسيرة ونضالاتها لتصبح الشاهد على ان القضية حية، ومحقة ووطنية وقومية…. فكل الحلول الجاري طرحها وتلك التي ابتدعت منذ كامب ديفيد ووادي عربة واوسلو لم تلتزم ولم تضع على جدول اعمالها انهاء الحالة الاسيرة، وإطلاق سراح الاسرى برغم الوعود وما تضمنته الاتفاقات…
ثلاث قضايا ومسائل تبقى الشاهدة على أحقّية القضية، وعلى عتباتها ستسقط كل محاولات تمرير صفقات التصفية؛ اللاجئون وحق العودة، والقدس وعروبتها والاسرى وحقهم بالحرية في فلسطين حرة وسيدة ومتحررة.