الجيوش ترث النظم العتيقة وتقود الحرب على الفساد… ماذا عن الجيش اللبناني؟ هل يصبح هو الحل؟؟
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
تقدّم الجولة الثالثة من العاصفة التي ضربت في العواصم والنظم العربية العتيقة والمتقادمة الكثير من العبر والدروس والخلاصات، ويقف على رأسها دور الجيوش، ومكانتها، وتحوّلها من أدواتٍ في يد السلطات وفسادها إلى قوى إسنادٍ للحراك الشعبيّ وتأمينه ثم الإمساك بالسلطة والتغيير في الطبقات السياسية والحاكمة المسؤولة عن الافلاس والتخلف والأزمات.
دشّن دور الجيوش وأجهزتها وصول بوتين الى رئاسة روسيا ليلة رأس السنة عام 2000، ثم كرّت السبحة، وشهدت العديد من البلدان محاولاتٍ انقلابية أو انقلابات، وعندما ضربت العاصفة في تونس ومصر لعب الجيشان دوراً محوريّاً في تأمين الانتقال السياسيّ وإقصاء الرؤساء وعائلاتهم وبطانتهم الحاكمة.
في الجولة الثالثة لعاصفة الحراك الشعبي العربي التي تجري في السودان، وهو بكلّ حالٍ معتادٌ على الانقلابات والتغيير بالانقلابات العسكرية منذ الاستقلال، أتمّ الجيش انقلابه ووضع يده على السلطة وعلى الحراك، وزجّ بالبشير وبطانته وأعوانه وحلفائه بالسجون أو قيّد حركتهم، وأعلن الحرب على الفساد والفاسدين استجابةً لضغوط ومطالبات الشارع والحراك، وهو بذلك يقوم بدور وطنيّ مهم، إلا أن من الضروري الالتزام بالثوابت الوطنية والقومية فيما يتعلق بالالتزام بالقضية المركزية وبمصالح الأمة العربية والإسلامية بعيدا عن الارتهان والتبعية للغرب مع التأكيد على الرفض القاطع لأي شكل من أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني على كافة الأصعدة، والتركيز على إلغاء المشاركة العسكرية في العدوان على اليمن.
وفي الجزائر، للجيش أهميةٌ وثباتٌ وحضورٌ في الوجدان الشعبيّ كوريثٍ لجبهة التحرير، وله دورٌ محوريٌّ بل يبدو أنّه المحرك الرئيسي في أحداث الجزائر رفضاً للتمديد لولاية خامسة للرئيس بوتفليقة، وقد أنجز الجيش بقيادة قائد الاركان قايد صالح انقلابا عمليا ومتقنا عبر سلسلةٍ من الخطوات أدّت الى إقالة الرئيس، وإقالة رجاله في الامن وفي الدولة والاعلام والمؤسسات، ليؤمّن مسارا دستوريا للانتخابات الرئاسية، سلساً ومنسّقاً مع الحراك في الشوارع الذي تركز في المدن كحراكٍ مدنيٍّ وتغيّب عنه شخصيات وشعارات جماعات الاسلام السياسي والمسلّح، وبمشاركةٍ وازنةٍ للطلاب والشباب والنساء كدلالةٍ على جديدٍ في الحراك الشعبي العربي ومصادره ومناطقه المحورية وبطبيعة القوى القائدة والموجه…
كمثل الجزائر والسودان وقبلها تونس ومصر يشهد لبنان أزمةً عميقةً وتشققاً وتبايناتٍ في الطبقة السياسية، وتعيش البلاد حالة فساد مزرية، وكل المؤشرات والتصريحات تدلل على ان ازمة انهيار مالي واقتصادي آتية وفي القريب كما تقول مختلف الاوساط، بما يعني ان ذات الظروف التي أطلقت الحراك في الموجات المتتالية للمخاض الشعبي العربي اصبحت ناضجة في لبنان، وذات الازمة تعاني منها الحركة الشعبية وغياب القوى المجتمعية الحاملة لمشروعات التجديد والتحديث.
فهل يكون للجيش اللبناني دورٌ، أسوةً بمرحلة صعود الجيوش؟ أم أنّ الطبقة السياسية “أخصته” وتمكّنت من لجمه ومنعه من الوقوف الى جانب الحراك والمطالب برغم ان الجيش ومتقاعديه ومنتسبيه هم أكثر المتضررين من السياسات ومن احتمالات تخفيض الرواتب والتعويضات لتأمين المزيد من الفساد للطبقة السياسية ورجالها وزعمائها… علماً أنّ الجنرال عون وتياره وما تحقق له جاء من بنية الجيش وقيادته، مع التأكيد على أهمية التكوين الوطني للجيش للبناني والذي يعتبر المؤسسة الوحيدة الجامعة التي تمكنت من التملص من آفات الطائفية والمذهبية، الأمر الذي يعزز امكانية الرهان عليها للوقوف الى جانب اي حراك شعبي جامع ومحقّ.