لبنان لن يشارك في المحادثات حول سوريا الخميس المقبل
ترجمة غادة سعد
يرغب ترامب في أن يتم إدراك قوته وفي الطريق إلى ذلك يخلّف توترات لا يقصدها ابتداءً. في مرحلة معينة قد لا تكون إدارته قادرة على الاستجابة لأزمة ربما تنفجر في لبنان أو في أوكرانيا بحسب جاريت بلان عضو فريق المفاوضات الأميركي مع إيران بشأن الاتفاق النووي خلال إدارة أوباما. برأيه لا تسعى طهران ولا واشنطن إلى مواجهة مباشرة لكن مبعث القلق يكمن في احتمالات التصعيد غير المقصود. في ما يلي قراءة بلان في إطار رؤية أميركية حول تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق مع إيران واحتمالات التصعيد في المنطقة. بلان مشارك في برنامج الجيواقتصاد والاستراتيجيا في معهد كارنيغي للسلام الدولي.
لا يبحث دونالد ترامب عن مواجهة ولكن يريد أن يتم الاعتراف به. لقد قوّض علاقات واشنطن مع أوروبا وشرق آسيا. جعل الوضع أكثر توتراً في الشرق الأوسط وزاد من خطر حدوث صراع. لم يفعل ذلك لأي سبب استراتيجي كبير، وإنما من أجل أن يتم إدراك قوّته.
قلقي الكبير أنه في مرحلة معينة سيكون هناك أزمة دولية لم يخلقها ترامب. ربما ستظهر في أوكرانيا أو في لبنان أو بطريقة ما تشمل إيران. لا أعلم، ولكن أنا قلق في حال لم تقم إدارته بتحسين قدرتها على صنع السياسة والاستجابة لهذا النوع من الأزمات.
أوباما فعل ذلك، علينا القيام بعكسه
بصراحة لا أعتقد أن ترامب يمتلك رؤية استراتيجية لمواجهة إيران. هو لا يحب أي شيء وضع أوباما بصماته عليه. لم يعجبه الاتفاق النووي الموقّع معها فقرّر الانسحاب منه. منذ ذلك الحين قام كبار مسؤوليه باختلاق روايات وممارسة التضليل لتمويه السبب. لكن في الحقيقة لا توجد مقاربة، ما من سبب منطقي. هناك فقط تلك النظرة الحزبية السيّئة وخلاصتها: “أوباما فعل ذلك، لذلك علينا القيام بشيء آخر”.
داخل إدارة ترامب هناك وجهات نظر مختلفة جداً. لديك أشخاص يمكن أن يخبروا من خلال تقييماتهم العامة أنهم يرون المنطقة بأكملها من خلال عدَسة إيرانية. هناك آخرون يريدون القيام بعملهم. منهم من يسعى إلى الاهتمام بالملف العراقي، والملف السوري، والملف اليمني، وأغلبهم يريد الحد من المواجهة مع إيران حيث أمكن ذلك.
بالمقابل، الرئيس باراك أوباما جاء إلى البيت الأبيض مع فكرة واضحة. كانت تلك الفكرة نتيجة إجماع دولي طويل الأمد، وحظيت بإجماع الحزبين الديموقراطي والجمهوري داخل أميركا. ملخّصها أن أخطر شيء بالنسبة إلى العالم هو برنامج إيران النووي الغامض. المجتمع الدولي إضافة إلى جهات إقليمية فاعلة لم يكونوا على يقين مما إذا كانت إيران تسعى إلى امتلاك سلاح نووي.
ركّز أوباما بذكاء على البرنامج النووي وبنى تحالفاً دولياً للضغط على إيران وحصل على اتفاق جيّد جداً للحد من ذلك البرنامج ومراقبته. هذا ما أحضره الرئيس السابق إلى الطاولة ونجح فيه.
تداعيات مُحتملة
إدارة ترامب لن تجعل من المستحيل على طهران الاستمرار في تمويل حلفائها الإقليميين.
إدارة ترامب لن تجعل من المستحيل على طهران الاستمرار في تمويل حلفائها الإقليميين.
يقولون في بعض الأحيان في واشنطن إنه من خلال فرض ضغط اقتصادي كبير على إيران، سيكون من الصعب عليها الحصول على الأموال. تسمعهم يطالبونها بخفض الدعم لقوى التعبئة الشعبية في العراق ولحزب الله في لبنان وللرئيس الأسد.
إدارة ترامب لن تجعل من المستحيل على طهران الاستمرار في تمويل حلفائها الإقليميين. أثبت التاريخ أن إيران استطاعت مواصلة تقديم الدعم حتى في ذروة العقوبات الأميركية عليها. ليس من الصعب فَهْم السبب. هناك ما نسميه “الحرب غير المتناسقة”.
لذا، لن تكون إحدى تداعيات العقوبات المالية على إيران إجبارها على الانسحاب من انخراطاتها الإقليمية. على العكس من ذلك، أعتقد أنه من المحتمل أن نرى أعمالاً استفزازية من قِبَل إيران في المنطقة. ذلك أنها تحاول جاهدة أن تبقى محافظة على نفسها داخل إطار الاتفاق النووي، كطريقة لفصل الولايات المتحدة عن شركائها الأوروبيين. كما تبحث من خلال طرق أخرى للتعبير عن استيائها من إدارة ترامب، ولن يفاجئني إذا رأينا سياساتها الإقليمية تتضمّن برنامج الصواريخ البالستية الخاص بها.
احتمالات التصعيد
يتُوقع أن تكون إدارة ترامب نشطة جداً في فرض العقوبات على إيران. سيكون الأمر صعباً على طهران لكن لن يكون أمراً غير مسبوق. سوف ينتهي المطاف بأقل مما كان عليه خلال مفاوضات خطة العمل المشتركة (JPOA) التي أفضت إلى الاتفاق النووي.
في أنواع أخرى من المواجهات، هل يجب أن نتوقّع توتّراً عسكرياً بين الولايات المتحدة وإيران؟ في الواقع ترامب غير مُهتم بهذا النوع من الانخراط مع إيران، أو مع أي خصم آخر سواء في الشرق الأوسط أو في العالم. سبق أن أشار ترامب إلى ذلك، أما طهران فقد حرصت تقليدياً على أن تبقى بعيدة من أي تصعيد يمكن أن يضعها في مواجهة عسكرية مباشرة مع واشنطن.
لكن مبعث القلق يكمن في احتمالات التصعيد غير المقصود، رغم اعتقادي بأن كلاً من واشنطن وإيران لا تسعيان إلى ذلك. هناك الكثير من العداء بين الطرفين، والكثير من الأماكن حيث يمكن أن يكون هناك احتمال للاحتكاك.
أما على صعيد الداخل الأميركي فهناك أمر على وشك أن يتغيّر. ترامب كانت لديه اليد المطلقة على غير عادة عندما كان الحزب الجمهوري يسيطر على مجلسي النواب والشيوخ. مقارنة مع فترات سابقة حيث حكم حزب واحد الكونغرس، الجمهوريون كانت لديهم لمسة ضعيفة تجاه إدارة ترامب، لم يعرّضوه لرقابة قوية، في حين لم يكن الأمر كذلك عندما فاز الديموقراطيون بالكونغرس عامي 2009 و2010 حينما كان أوباما في البيت الأبيض، كذلك قبل حرب الخليج عندما حكم الجمهوريون خلال فترة جورج بوش الأب.
بعد الانتخابات النصفية التي فاز فيها الديموقراطيون بمجلس النواب أعتقد أن إدارة ترامب ستكون موضع رقابة أكبر، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستسير الأمور.