وسوريا أيضاً واجهت حصار النفط والطاقة… وانفرجت!
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
لم تخيّب دولٌ عربية ومنها الجارات الحميمة لدمشق التي لم تبخل عليها يوماً بالماء أو الغذاء أو الحماية، وقدمت عشرات آلاف الشهداء لوقف حروبها العبثية كالأردن ولبنان ومصر، لم تخيب ظن بومبيو وأركان إدارة ترامب، فانخرطت في الحرب الاقتصادية على سوريا وشعبها ومنعت وصول شحنات النفط ومشتقاتها، حتى التي كان يحملها السائقون لتأمين اليسير من المادة.
عانى السوريون كثيرا من شتاءٍ قاسٍ بلا مازوتٍ وبلا تدفئةٍ أو غاز، ووقفت طوابير السيارات لتأمين 20 ليترا من البنزين ساعات بل أيام، وامتدت الى كيلومترات، وكادت تتعطل الحياة بتعطل وسائط النقل…
كثرٌ راهنوا ان يصبح فقدان المشتقات سببا في انهيار الدولة، وانقلاب شعبها عليها، وكتبت المجلدات والدراسات عن احتمالات الانهيار وكيف ستخرج سورية وجيشها المنتصر في الحرب العالمية العظمى مهزومةً لأسباب وبأدوات تفصيلية عابرة كأزمة محروقات ومشتقاتها.
بيد انه الشعب الابدي الصابر والمقاوم والمشهود له بوطنيته وقوميته، أكد مرةً بعد الالف انه قادر على التحمل مهما كانت الاسباب والجهات التي تسببت بالأزمات، أكانت الحصار، أو غدر الاخوة والاشقاء، أو أخطاء في الادارة وفي بعض السياسات الاقتصادية والاجتماعية، وفي بعض الممارسات…
خسر كل من راهن على ان بنات وابناء وامهات ونساء الشهداء الذين قدموا أغلى ما عندهم وأعزّه على الاطلاق، سينتفضون على جيشهم الذي بات جزءا من روحهم وقيمتهم ومكانتهم، او سينقلبون على رئيسهم الذي هو بالنسبة لهم عنوان حربهم وأساس وراية انتصارهم…
تحمل السوريون في الحرب ما لم يتحمله شعب، وفاجأ كل من راهن على هزيمة سورية او انفضاض الشعب من حول جيشه وقيادته، وكما هو في الحروب العسكرية المدمرة وحروب تهجيره وتجويعه، أكد انه في الحروب الاقتصادية والحصارية وتجفيف النفط ومشتقاته، شعبٌ يبقى على ولائه ويقبض على الجمر كشعب آمن بربه وبتاريخه وبعزة جيشه ومستقبل سورية العائدة الى دور ريادي في قيادة العرب والاقليم وتغيير شأن ونظم الامم.
شهرٌ ونيف لم ينشغل السوري إلّا بتأمين قارورة الغاز وبضعة ليترات من المازوت او البنزين لتأمين يومه ليبقى على الحياة وليستمر قادرا على الصمود والتضحية…
ثم انفرجت الازمة، بأيسر السبل وبأسرع الازمنة، فزائر دمشق والمدن السورية يفاجأ بأن محطات الوقود فارغة من الصفوف ويمكنك ملء خزان سيارتك بدقائق، ويتساءل اي شعب هذا الذي نسي أو تناسى وعاد الى حياته العادية ويمارسها بأمل وتفاؤل برغم كل ما مرّ به… وبذلك صدمة لكل من افترض انه قادر على اسقاط سورية بحجب المشتقات، واطباق الحصار.
التجربة غنية، وثمينة، ولا يجب ان تنتهي دون تسجيلها لتبيان الحقائق والافادة منها في مراحل وبإزاء تجارب ودول اخرى..
وتكون الاسئلة محفزة على التفكير: هل فتحت قناة السويس وعادت البواخر الايرانية تصل الى مرافئ سورية؟ ام جرى تسييل وحل عقد خط الائتمان الايراني؟ ام هو الطريق البري بين بغداد – طهران – دمشق قد كسر الارادة الامريكية وأصبح اتوسترادات للتموين والتمويل والتسليح وتبادل المنتجات؟؟ والأهم بين الأسئلة هل لروسيا دور في حل هذه الأزمة وخصوصا بعد اعلان الاتفاق حول استثمار مرفأ طرطوس؟
لا شك، فقد قدمت التجربة السورية وتقدم دائما وقائع مفاجئة لم ينجح أحد حتى اللحظة في كشف كُنهها وفتح صندوق اسرارها منذ كانت وأصبحت بيئة الحضارات وارض الرسالات وتبقى على عهدها..
فكل التحية لشعب أبديٍّ ولجيشٍ أسطوريٍّ ولقيادةٍ لم يشهد تاريخ العرب كمثلها.