برهان غليون والحاجة إلى غوّار الطوشة
ادريس هاني
أي قيمة للهروب الكبير حين يتحدث برهان غليون عن الغدر الأمريكي في موضوع الجولان، وعن صدمة التصريح الذي قام به ترامب بخصوص الهضبة المحتلّة..ولأنّ برهان يجهل أصول البرهان الرياضي فهو يتحدث عن صدمة كما لو أنّ أمريكا منذ البداية كانت مع المصلحة القومية السورية ووحدة التراب السوري الذي تسعى لتمزيقه شمالا عبر الوحدات وجنوبا عبر المناورات الإسرائيلية..نتحدث عن صدمة إذا كان هناك تحالف قويّ..وهذا شطر صحيح، حيث اعتبر برهان غليون الأمريكيين حلفاءه في ائتلاف معارضات_ النّاتو..ما الجديد في الموقف الأمريكي؟
ما قيمة أن يهرب برهان غليون إلى الأمام ليحاول ترميم صورة مناضل مغشوش ينعى على ترامب موقفه الذي سماه همجيا ضد الجولان..الهروب إلى الأمام لم يعد ينفع بعد أن وضعت معارضة برنار هنري ليفي كل بيادق العمالة حصان طروادة في مشروع شرق أوسط جديد..ألم نكن نقول أنّ المشروع إمبريالي؟ أين كان الأغبياء يومئذ؟ ما قيمة أن نعتبر كا فعله ترامب طعنة بتعبير برهان غليون؟ إنّنا نسمّي موقفا ما طعنة حين نكون قد نسجنا علاقة صداقة مع الطّاعن واعتبرناه يوما شريكا..لا معنى للطعن إلاّ بعد إمتاع ومؤانسة..
يعتبر برهان ترامب شبّيحا مع أن ترامب هو الذي شارك في قصف ريف دمشق وهو من سعى لتقسيم سوريا وهو من سمّى الرئيس بشّار بالوحش..على من يكذب هؤلاء العملاء الذين باعوا وطنهم عبثا للناتو واندحروا..من يواجه مشروع ترامب وخططه وقراراته؟ لو تركنا سوريا لهؤلاء العملاء لباتت منتجعا لنتنياهو..المشكلة هنا هي أن التحليل السياسي حين يفقد ذاكرته يصبح شكلا من التغليط..وجب أن نقرأ التحليل السياسي لهؤلاء الأغبياء منذ 2011 إلى اليوم..وهي مواقف وتصريحات تشكل وثائق لدراسة علم نفس الخونة حين تتاح لهم فرصة للإطاحة بأواطنهم..برهان غليون شارك في الصورة التبشيعية حتى استيقظوا على واقع صريح ومرير..ومع ذلك هم يحملون الأسد مسؤولية عمالتهم وفشلهم.
ولقد غالط برهان غليون نفسه حين اعتبر أنّ هذا من شأنه أن يوقظ العرب، لكن عن أي عرب يتحدّث؟ هل عن حلفاء الائتلاف المجهض بشرعية الصمود والزمن المقاوم والذين كلهم بصموا على وثيقة صفقة القرن أم عن الجيش العربي السوري الذي تآمر عليه برهان مع عصابات الائتلافات بينما هو الضّامن في هذه المواجهة؟
إنّ سوريا تقاوم التهديد الذي يستهدف وحدتها الترابية منذ ثماني سنوات ولا تحتاج إلى عميل بليد أن يذكر الشعب والعرب بأن يستيقظوا لأنه هو وجماعته الذين ناموا كل هذه السنوات..سوريا كانت مستيقظة وتدرك أنّ حربها اليوم ضد الإرهاب ومسانديه السياسيين هي حرب ضد الإمبريالية وبأنّ _ في النهاية_ المستهدف كان دائما هو الكيان السوري..
يحاول الخونة الهروب إلى الأمام بعد أن حاولوا بالتشويش تجريد سوريا من كلّ إمكاناتها العسكرية والتحالفية للاستفراد بها ضعيفة..برهان وجماعته فعلوا المستحيل عبر بلاغة الخطاب الانهزامي أن يقايضوا سوريا بوعد بالسلام مع الكيان الصهيوني..فعلوا كل ما في إمكانهم لإضعاف سوريا، فما قيمة صفارة برهان غليون لإيقاظ العرب؟ هذا شكل من الطّنز السياسي لمعارضة تعاني خيبة الأمل والتّيه والضّلال والغباء الاستراتيجي وهي اليوم تشبه حالة ائتلافية كاريكاتيرية..الخوف من أن يشطبهم التاريخ باتجاه خانة الخونة..خطاب برهان تجاه الجولان تدليس سخيف..كانت الجولان حاضرة ومراقبة في عزّ العدوان على سوريا بينما كان برهان وفريق الخونة يتحدّثون عن السلطة ليس إلاّ السلطة..لقد نسوا سوريا وكان قبل ترامب قد وعدوا ببيعها..وسيكون من قبيل السخرية أن يذكر برهان غليون السوريين بقضية الجولان بينما الذي حمل البندقية للدفاع عن الكيان السوري طيلة هذه السنوات هم من دعا برهان لإسقاطهم..في مقابلة سابقة مع Wall Street Journal حيث كان يحلم بالرئاسة والدخول على دبّابة أمريكية لدمشق هاجم برهان غليون المقاومة ووعد بأنه سيقطع الوصل بين سوريا والمقاومة اللبنانية وإيقاف الدعم _ وكان هذا دليلا وشهادة من برهان على السبب الرئيسي لمحاربة سوريا _ عن المقاومة سواء اللبنانية أو الفلسطينية..لم يتحدث برهان غليون عن الجولان لكي لا يزعج الإسرائيلي..برهان وعلى خطى رفيقه برنار هنري ليفي كان يرسم لسوريا مصيرا تغدو فيه هذه الأخيرة دركي في مشروع الشرق الأوسط الجديد..برهان أكثر غباء وبهللة من أن ينجح في مشروع كهذا..سوريا يحدد مصيرها الرّجال..لماذا تقف الرجولة في عقبة المسألة السورية ويغيب الحسم وتتلوّى المواقف؟؟؟
كتب برهان غليون الكثير في الفكر السياسي..كتب أشياء لا تزيد ولا تنقص في ميزان المعرفة..لم أقرأ له إلاّ جملا فأبى عقلي وقلبي أن أستمرّ..بلازما فارغة إلاّ من صفّ الموجود بما هو موجود ..تكرار الوجود..وهو فعل مستحيل فلسفيا ولكنه فعل بليد في البلاجيا..قل لمن جعل برنار هنري ليفي شيخه في ثورجية جرباء تنتهك الضمير المقاوم وتقوض الحساسية تجاه السيادة وتستدرج الضُّعفاء لمذاهب الخيانة السياسية: ما أغباكم..وسيقول يوما عاش الوطن، ولكن عن أي وطن سيتحدث برهان وأضرابه بعد سنوات من العمالة والقذارة السياسية..
ففي سوريا حيث يوجد فيها شعب صامد وجيش وطني مكافح ورئيس مقاوم، ما الحاجة إلى صفّارة برهان غليون الكوميدية.. مرة أخرى نحن في حاجة إلى تدخّل غوار الطوشة..