لبنان جولة العنف مقدمات حرب، أم تقرير توازنات؟
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
حصيلة الأحداث الفردية، والاشتباكات المسلحة بين القوى السياسية والمسلحة، والتوترات بين الجيش وبعض العشائر والمهربين، والحرب الطاحنة التي شهدتها وسائط التواصل الاجتماعي بين أنصار “المستقبل” والتيار الوطني الحر، والتيار الوطني الحر و”الجنبلاطيين” والقوات اللبنانية، وحملات غزو الطرقات وقطعها بالدواليب المحترقة، إلى المناورات شبه العسكرية التي نفّذها المتقاعدون من الجيش في تطويق القصر الحكومي ومجلس النواب، والتوترات التي شهدتها مناقشات الموازنة ثم إسقاط الكثير من بنودها…
كلّ تلك التوترات وشبه المعارك، جمرٌ صبّ عليها زيتاً التحذيرات المتقاطرة منذ سنةٍ ونيف عن خطر الانهيار الاقتصادي واستنفاذ الاحتياطي من العملات الاجنبية، وزاد في خطر اشتعالها الصبيانية التي تميزت بها تعارضات الطبقة السياسية والحكومة المأزومة في بلدٍ مشبعٍ بالأزمات..
أدى المخاض إلى كمائن واشتباكاتٍ في الجبل أودت بحياة مرافقين لأحد الوزراء، ما وضع البلاد على مفترقٍ خطر، فإمّا عودة الطبقة السياسية إلى التوافقات في وجه الأزمات ومحاولات معالجتها ووقف العنتريات وحروب وسائط التواصل الاجتماعي المنفلتة من عقالها أو اشتباكٌ يغيّر من توازنات الطبقة السياسية ويسحق واحدةً من فصائلها الأكثر حيوية ونشاطا ومغامرة وأزمة عميقة في المكانة والدور والحصص والتأثير….
سارع الأركان الممسكون بعنق البلاد الى المعالجة، وجرى لقاء في دار الطائفة الدرزية بين الوزير جنبلاط والرئيس الحريري كبادرة تصالح طالما طلبها الوزير جنبلاط وتجاهلها الحريري، ثم عشاء عين التينة على طاولة دولة الرئيس بري الموصوف بأنه مهندس اللحظات الصعبة ومدوّر الزوايا، فخرج الدخان الابيض في إشارة الى عودة التفاهمات بين ثلاثي أركان السلطة والطبقة السياسية “ترويكا الطائف” وبين أهداف العشاء والمصالحات القول للتيار الباسيلي الوارث للتيار الوطني الحر بعد أن أنجز واجبه بإيصال الجنرال عون الى قصر بعبدا، والباسيلية ساعية بكلّ قوة وجدية لإيصال الوزير باسيل إن سنحت الظروف وإذا لن تسمح وغالبا لن تسمح فبتوتير المناخات وإعادة نبش الماضي والتصريحات باستعادة الصلاحيات والامتيازات، والسعي لاحتكار التعيينات وحرمان القوى المسيحية الأخرى.
وعلى بعد ساعاتٍ من العشاء عقد اجتماعٌ فيه الكثير من الدلائل المؤسّسة، فقد حضر لقاء المطارنة الموارنة الزعيم المنافس لباسيل على كرسي بعبدا والأكثر جدّية، وصدر بيان المجلس بصياغة متقنة يضع النقاط على الحروف.
في حاصل جولة العنف المسلح، وفي الوسائط وما تبعه من لقاءات ومصالحات، يمكن الاشارة الى الاحتمالات القريبة للتنبيه منها:
– العودة الى بيت طاعة الطبقة السياسية وتوازناتها وتحكّم أركانها بتقسيم الجبنة التي تقلّصت الى حدودٍ لم تعد ترضي أيّاً من التشكيلات فيها.
– وقف السجالات وتبريد الحروب المتشعبة التي وضع في أتونها الوزير باسيل، فهو على خلاف مع فرنجية وجعجع والنخب المسيحية والمعارضة العونية، وعلى اشتباك مع بري ومع جنبلاط والحريري وهذه قاعدة خسارة كل من يرغب بأن يكون فاعلا ففتح كل الجبهات يوحدها وزاد أن مجلس المطارنة انتظم معها ضد الباسيلية.
– التهدئة وقبول المحاصصات بما توفر من فرص وامكانات ودون طموحات كبيرة والتخلي عن الشعارات التي تعيد لغة الحرب الاهلية وتعليب الطوائف في معسكرات، والقبول بحصص واقعية وعدم احتكارها لفريق واحد في وجه الاخرين.
إن عجز أركان ومحاور الطبقة ونظام الطائف عن تنظيم التحاصص، فالانفجار، والحقل يابس، وكل شرارة قد تحرقه وفي الافق عشرات الشرارات ليست أبعدها الانهيار الاقتصادي والعجز كما كشف صندوق النقد وتقارير المؤسسات ذات الصلة.
الاحتقان اللبناني بلغ ذروته وفي كل الاتجاهات ولم يعد أمام الطبقة السياسية وأركان النظام والمجتمع إلا قليلٌ من الوقت للمبادرة.