فرع التجمع في الأردن ينظم ورشة عمل حول جدلية العلاقة بين المقاومة ومجابهة التطبيع
- فؤاد دبور : لم يبق أمام العرب من خيار إلا المقاومة
- د. سعيد ذياب : مواجهة التطبيع ضرورة لتجسيد المقاومة
- فرج الطميزي: انخراط حركات المقاومة والتحرر في محور المقاومة ضرورة
- جواد يونس : لم تعد واشنطن قادرة على استهداف حركات المقاومة بذريعة القانون الدولي
نظم التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة – فرع الأردن، نظم ورشة عمل حول “جدلية العلاقة بين المقاومة ومجابهة التطبيع” بمشاركة أمناء أحزاب البعث العربي التقدمي والوحدة الشعبية والحزب الشيوعي والمحامي جواد يونس..
الورشة التي نظمت في مقر حزب البعث العربي التقدمي عمان، تركزت حول المقاومة بجوانبها كافة، وتحدّث فيها أ. فؤاد دبور أمين عام حزب البعث العربي التقدمي، ود. سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي (وحدة)، وأمين عام الحزب الشيوعي الأردني أ . فرج الطميزي.. والمحامي العروبي الكبير الأستاذ جواد يونس.
بدوره، أكد أ. فؤاد دبور في ورقته، أنه لم يبق أمام العرب من خيار إلا المقاومة لمنع الأعداء من تنفيذ مخططاتهم ومشاريعهم وهو ما أكدته المقاومة اللبنانية حيث حالت دون أن يحقق الكيان الصهيوني أهدافه عام 2006، وما أكدته المقاومة الفلسطينية في غزة بمواجهة أكثر من عدوان رغم الخسائر المادية والبشرية الباهظة، وهو أيضاً ما أكده صمود سوريا ثماني سنوات ونيف بمواجهة المؤامرة الرهيبة الضالع فيها كل من أمريكا وتركيا والكيان الصهيوني، مفشلةً المشاريع والمخططات الإمبريالية الاستعمارية الصهيونية الإرهابية رغم حجم الخسائر المادية والبشرية الهائل .
ودعا دبور لكي تكون المقاومة بمستوى المواجهة إلى نشر ثقافة المقاومة واعتمادها كخيار استراتيجيّ وهذا يتطلب بناء مجتمعات مقاومة، كما يتطلب تحصين المقاومة والمقاومين بقوة الإيمان بالقضية وبعدالتها وتوفير الدعم والامكانات لها ولهم لمنع حدوث الاختراقات.
ولفت الى ضرورة التوافق وإيجاد خطة استراتيجية ورؤية سياسية سليمة تحدد المواقف من الأوضاع الإقليمية والعربية والدولية، مع التأكيد على حتمية التفاف الشعب حول المقاومة احتضاناً وحمايةً وحراسة.
وشدّد دبور على أن المقاومة خيار استراتيجي وأولوية وطريق لتحرير الأرض العربية في فلسطين وسورية ولبنان.
وختم دبور بالتنويه بأن ميثاق الأمم المتحدة والشرائع والقوانين كفلت حق الأمم والشعوب في المقاومة مذكراً بأن سوريا تقاوم المعتدين وتواجه العدو الصهيوني الأمريكي الاستعماري في آن معاً.
من جانبه، قدم د. سعيد ذياب أمين عام حزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني (وحدة) الورقة الثانية بعنون “مواجهة التطبيع كضرورة لتجسيد المقاومة”، موضحاً أن التطبيع يعني إقامة علاقات طبيعية مع الكيان الصهيوني بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد والتعامل مع وجوده الغاصب لفلسطين كأمر طبيعي وإنهاء كافة أشكال العداء معه واعتبار الاحتلال الاستيطاني الإحلالي أمراً طبيعياً .
وأوضح د. ذياب أن الكيان الصهيوني يريد أكثر من التطبيع، من تقييد القدرات العسكرية للعرب وتغيير العقيدة السياسية والعسكرية والاعتراف بـ (دولته) بكل عناصرها (الأرض والشعب والسيادة) والاعتراف بالأساس الأيديولوجي له وأن فلسطين حق لليهود الصهاينة، والإقرار بالهزيمة التامة على المستوى الاستراتيجي.
وأكد د. ذياب أن التطبيع مع الكيان الصهيوني هو حالة استلاب الوعي، به يتم الغاء كل قول وفعل بشكل مباشر أو غير مباشر بالترافق مع خلق حالة ذهنية لتقبل هذا الكيان، الأمر الذي يتنافى مع الوجود الاستراتيجي للأمة العربية.
وشدد د. ذياب على أن مواجهة التطبيع ليست مصلحة فلسطينية فحسب بل هي مواجهة للتوسع الصهيوني وللهيمنة على الدول العربية، مشيراً إلى ثنائية مواجهة التطبيع والنضال من أجل الديمقراطية وأن الأحزاب التي تخلّت عن مقاومة التطبيع تخلت أيضاً عن النضال لأجل الديمقراطية.
ونوه د. ذياب بأن المقاطعة بدأت مبكراً عام 1909 بالنضال دون تسريب الأراضي لليهود وضد التعامل مع التجار اليهود عام 1922 وقررت الجامعة عام 1945 إغلاق الأسواق العربية في وجه الصناعات اليهودية وأسست الجامعة عام 1951 مكتباً للمقاطعة مركزه دمشق، وتركزت المقاطعة على مقاطعة السلع والخدمات المنتجة من قبل هذا الكيان وعلى الشركات التي ساعدت على تقويته وعلى الشركات التي تتعامل مع الشركات التي تعمل على تقويته.
ورأى د. ذياب أن المقاطعة حققت بعض النجاح، لكنها تراجعت بعد زيارة السادات وتوقيع معاهدة كامب ديفيد، ونشطت لجان مجابهة التطبيع مجدداً بعد اغتيال السادات. وبعد مؤتمر مدريد سنة 1991 تحولت المنطقة إلى ما يشبه الورشة من أجل التطبيع، فيما بدأت موجة ثالثة للتطبيع بعد طرح السعودية مبادرة السلام وما تبعها من مؤتمرات اقتصادية في الدار البيضاء والأردن والقاهرة والدوحة كتمهيد لما سمّي الشرق أوسط الكبير.
وتابع د. ذياب: “نشهد منذ السنة الماضية 2018، عام التطبيع الخليجي الرسمي مع الكيان الصهيوني والتذرع بما أشيع عن تهديد إيراني والتحلل من أي التزام قومي ولضمان دعم وحماية أمريكا، مؤكداً ضرورة توفير الجهود المناهضة للتطبيع ولدعم المقاومة.. ما يتطلب توافر تماسك شعبي، فالمعركة مجالها الوعي، الامر الذي سيقود إلى وقف التراجع في العلاقات العربية البينية ووقف التراجع في الاهتمام بالقضية الفلسطينية”.
وتوقع د. ذياب أنّ التهافت الخليجي للتطبيع مع الكيان الصهيوني من شأنه خلق حالة جماهيرية لمواجهته ولمواجهة سعي أمريكا لبناء تحالف صهيوني عربي ضد إيران. وخلص إلى أن اختيار فلسطين يدلل على أن الأمة هي المستهدفة، ويدلل على ترابط عميق بين المقاطعة ضد الكيان الصهيوني وبين المقاومة ضد المشروع الأمريكي الصهيوني، مؤكدا وداعياً إلى توحيد الجهود المناهضة للتطبيع والمساندة للمقاومة باعتبارهما يكملان بعضهما.
بدوره، قدم أمين عام الحزب الشيوعي الأردني فرج الطميزي الورقة الثالثة بعنوان “أممية المقاومة الوطنية” موضحا أن المقاومة أخذت تاريخياً أشكالا ومضامين عديدة، فمنها مثلاً الدينية الكونفوشية والقومية، لكنها بعد الحرب العالمية الثانية أخذت طابعاً سياسيا تأثرت بوجود مراكز عالمية كالاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية، وفي المقابل الإمبريالية العالمية ودول الغرب، ففي حين سعت المنظومة الاشتراكية إلى دعم حركات التحرر العالمية بمواجهة قوى الاستعمار، محدثة تبدلاً سياسياً كبيراً على خارطة العالم السياسية كما الثورة الفيتنامية والكوبية وقيام دول عربية تقدمية في مصر وسورية والجزائر واليمن.. وفي آن، انحسار أنظمة عربية رجعية كاليمن وليبيا .
وأضاف: “وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي والمنظومة الاشتراكية وهيمنة القطب الأمريكي الواحد حدث تبدل كبير في معايير وأطر المقاومة وانتعاش قوى ودول رجعية كالخليج وانهيار المد القومي العربي باحتلال العراق وانحسار المد اليساري وانتعاش الإسلام السياسي بدعم أمريكي، وكان من مخرجاتها المؤامرة على سوريا… وقد عمل القطب الإمبريالي على خلق مراكز اقليمية لمواجهة القوى المتضررة من انهيار الاتحاد السوفياتي، وفي آن ظهر خطاب استسلامي انهزامي للقوى الإقليمية وبرز خطاب الإسلام السياسي كبديل للخطاب التقدمي والقومي العربي”.
وبين الطميزي أن الوضع العالمي عاد للتغير بسقوط نظام القطب الواحد عام 2008، وبرزت قطبيات جديدة كـ: روسيا ـ الصين ـ شنغهاي ـ بريكس، كما برزت قوى إقليمية ذات طابع ديني خارجي (إيران) ووطني في المضمون، كما برزت قوى إقليمية ذات طابع وطني (كما في أمريكا الجنوبية) وظهرت حركات مقاومة وطنية كحزب الله، وتنامت قوى ذات مصالح اقليمية كـروسيا تركيا فنزويلا..
ولفت الطميزي إلى ظاهرة توافق المصالح في غياب توافق الأيديولوجيات كإيران وروسيا وبروز محور وطني مقاوم (إيران ـ سورية ـ حزب الله ـ فلسطين) وقد تعمق في أذهان الجماهير نهج محور المقاومة، فالتفّت حوله بقناعة وبدت معالم نجاحات ظاهرة لهذا المحور، فيما بات في حكم المطلق فشل التحالف الأمريكي الصهيوني الرجعي (اليمن ـ مثالاً)…
وخلص الطميزي إلى أنه انطلاقا من حتمية التحالف الأمريكي الصهيوني وانحدار أطراف من النظام الرسمي العربي الى هذا الخندق، فإنه من الضروري انخراط كل حركة مقاومة أو حركة تحرر أياً كان مضمونها في محور المقاومة لمواجهة محور الشر والعدوان، وغير ذلك يكون معيارا انهزاميا معادياً للجماهير العربية، مشيراً إلى ضرورة وجود داعمٍ عالميٍّ لهذه الحركات انطلاقاً من القواسم المشتركة.
من جهته، قدم المحامي الأستاذ جواد يونس الورقة الرابعة حول مشروعية المقاومة في القانون الدولي الحديث، موضحا أن هذه المشروعية مرت بأربعة مراحل ـ أولها في فترة عصبة الأمم بنتيجة مخرجات الحرب العالمية الأولى، والتي كانت حرباً على حركات المقاومة جراء تسيّد دول الاستعمار العالمي على معظم شعوب وأمم العالم، وكانت المرحلة الثانية بقيام منظمة الأمم المتحدة جراء الحرب العالمية الثانية، والتي أنتجت الحرب الباردة وقيام العديد من حركات المقاومة كما في فيتنام والجزائر وكوبا واليمن الجنوبي مستفيدة من وجود قطبين عالميين…
وأوضح الأستاذ يونس أن المرحلة الثالثة بدأت بانتهاء الحرب الباردة وانهيار المنظومة الاشتراكية والاتحاد السوفياتي وظهور القطبية الأحادية ممثلة بالولايات المتحدة وهيمنتها وقد جرى خلالها انحسار المقاومة واحتلال اراضي دول كالعراق وأفغانستان وشن الحروب الاستباقية وتجزئة دول مثل أفغانستان وتشيكوسلوفاكيا.
وأشار الأستاذ يونس الى ان هذه المرحلة قد حملت بذور انحسارها وولادة المرحلة الرابعة، بما ولدت من أزمات عالمية وانتهاء القطبية الأحادية وظهور مراكز قوى عالمية عديدة جديدة، ولم تعد الولايات المتحدة قادرة على استغلال القانون الدولي وفرضه لصالحها كيف تشاء كما السابق، ولم تعد أمريكا قادرة بسلاح الشرعية الدولية على استهداف حركات التحرر الوطني والمقاومة بتلك الذريعة، وبذلك أصبحت العديد من حركات المقاومة الوطنية والبلدان قادرة على التنفس والنضال لأجل شعوبها.
كما قدم الباحثان حسين عليان ومحفوظ جابر مداخلتين مهمتين حول بعض ما طرح في الأوراق المقدمة بالورشة كانت محل استقبال واهتمام المتحدثين والحضور.
واختتمت الورشة بحوار مثمر أغنى الأوراق المقدمة، وأجل تقديم الورقة الخامسة للورشة التالية والمقررة للفنان التشكيلي أ. محمد العامري، حيث وصلتنا متأخرة بسبب اعتذار العامري لانشغاله بأمر طارئ.
قدم المتحدثين وأدار الحوار عضو مجلس أمناء التجمع في الأردن الأستاذ محمد شريف جيوسي…