الكيان الصهيوني مجرّد رهينةٍ بيد المقاومة!
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
هذا ما يمكن استنتاجه من مقابلة السيد حسن نصر الله على قناة المنار، التي جعلها مناسبةً لإطلاق احتفاليات نصر حرب تموز 2006، ولتأكيد ما كان قد قاله مرّةً بعد أخرى من أنّ زمن الكيان الصهيونيّ وقدراته الهجومية قد نفذ، وأصبح العصر للمقاومة وانتصاراتها.
والحقّ يقال: إنّ الأوساط الصهيونيّة، والأمريكية والأوروبيّة ونخبها، كانت قد بدأت نقاشاتٍ جدّيّةً عن جدوى استمرار الكيان وكلفته العالية، وهل ما زال قادراً على تأمين أسباب وجوده واستمراره وتنفيذ وظائفه؟ وتبدّت أكثر النقاشات وضوحاً ونضجاً في كتاب شمعون بيرز “الشرق الأوسط الجديد” فالكتاب وفلسفته ورأي الكاتب المسمى “ملك إسرائيل وعقلها” تمت ترجمتها في وثيقة رابين التي سلّم فيها بإعادة الجولان كاملاً إلى سوريا بما في ذلك المياه نزولاً عند شرط الرئيس الراحل حافظ الأسد، أن يسبح فيها ويأكل من سمكها، وكشف الرئيس المصري السابق حسني مبارك في مقابلته الأخيرة مع “الشرق الأوسط” قبل أسابيع من أنّ رابين وقادة “إسرائيل” فيما بعد أعطوا الأسد ما أراد، لكنّه لم يوقع لأنه لم يقبل تعميم مبدأ التطبيع، وكان يقول إنّ التطبيع يجري بين دول طبيعية إشارة إلى أنّ الكيان دولةٌ غير طبيعيةٍ، وما قبول سوريا بالتفاوض إلّا لتقطيع الوقت وانتظار فرص التحرير الكامل.
فبناءً على ما كتب شمعون بيريز وما تصرّف به رابين وما سعت إليه الادارات الامريكية المتتالية وما سعت إليه النخب الاوروبية من سعيٍ لتحويل الكيان الصهيوني من دولةٍ كبرى “إسرائيل الكبرى” حدودها إلى الفرات والنيل، بالحروب والجيش والسطوة، الى “اسرائيل” عظمى مهيمنة على الشرق الاوسط بالتسويات والاقتصاد والتقانة والادوات الناعمة….
غير أنّ الكيان الصهيوني ذاته وبسبب طبيعته وتوازناته لم يوافق تلك النخب، ولم يتساوق مع مشاريع كلينتون، ومن ثم باراك اللذين أنفقا كلّ ولايتيهما في السعي للتطبيع والتسوية وإعادة هيكلة الكيان ليستطيع الاستمرار بتغيير طبيعته ووظيفته.
وفي تسعينيات القرن المنصرم، ومع تطور المقاومة الإسلامية اللبنانية، قالت دور الخبرة والاستراتيجيا والدراسات الاوروبية والامريكية والاسرائيلية ذاتها: إن “إسرائيل” لم تعد قادرةً على فرض إرادتها بقوة الاحتلال والحروب كما جزمت نتائج حرب تموز، وصار البحث متسارعا للتطبيع وتقديم التحالف السببي والمصلحي بين الكيان الصهيوني والكيانات الصنيعة في العرب وعلى رأسهم السعودية ومشيخات النفط، وعندما غزت أمريكا – بوش كابول وبغداد قيل الكثير عن أن أمريكا قررت وحلفها الاطلسي الوجود المباشر وخوض الحروب ما دام الكيان الصهيوني قد بات عاجزا وقاصرا ويحتمي بالجدر الإسمنتية، وشكلت يومها كونداليزا رايس حلفها من “المعتدلين” العرب هم ذاتهم اليوم ومعهم تجري محاولات، أو الأصح، أوهام بناء ناتو عربي – اسرائيلي – أمريكي، وإعلانات التطبيع ومحاولات إقامة تحالفات إقليمية تحمي الكيان وتخوض الحروب في العرب وبينهم ومع ايران الإسلامية ومشروعها للقدس وتحريرها من رجس الصهاينة، لتأمين الكيان الغاصب والمصالح الامريكية الاوروبية العدوانية.
بعد انتصار عام 2000 قررت الكثير من المؤسسات المهتمّة والنخب أنّ “إسرائيل” دخلت طور الذبول والانحسار المتسارع، وفي تقرير بيكر هاملتون 2006 قررت النخبة الامريكية ودولتها العميقة أنّ الوجود الأمريكي نفسه لم يعد قادراً على حماية “إسرائيل” وتأمين المصالح الأمريكية وإعادة هيكلتها…
واليوم، وبعد فشل محاولات تسميم العرب والمسلمين وابتلائهم بالفتن والحروب بالإرهاب، يأتي كلام السيد حسن ولغته وحركة يديه وشروحاته لتقول: إنّنا في حلف المقاومة، كنّا منذ زمنٍ نعرف أنّ “إسرائيل” عاجزةٌ وشجرةٌ تيبّست، وحلفها استنفذ وأصبح قاصراً ولم يعد لهم مكان على الخريطة وفي واقع موازين القوى.
بمعنىً أدقّ، إنّ المقاومة وحلفها، كانت منذ زمن طويل قادرةً على تحرير القدس واجتياح الجليل وإعادة الكيان الصهيوني إلى العصر الحجري، لكنها لم تفعل لغايةٍ في نفس يعقوب…!!
ما الغاية؟؟
نظن أنّ حلف المقاومة عمل على تطبيق مقولة: إنّ الكيان الصهيوني الضعيف والعاجز أصبح رهينةً بيده، لا يستعجل تصفيته لابتزاز أسياده، وكشف مجمل مخططاته وإمكاناتهم، وإلحاق المزيد من الهزائم بالمشروعات الغربية في الاقليم، ولتأمين دول ونظم المقاومة وتوفير أسباب تمكّنها وامتلاكها المزيد من عناصر القوة كالنووي الايراني، وكتعاظم قدرات سورية والحوثيين في اليمن والمقاومة الاسلامية في لبنان وفي العراق.
اليوم كأن السيد حسن نصر الله يقول لنا: لقد بات الوقت مناسبا لاقتلاعها وتحويلها الى حطب للحرق والتدفئة، فليست فقط “إسرائيل” ستزال عن الخريطة ان وقعت الحرب، بل وايضا بقايا النظم والمشيخات التي جرى بناؤها لتخديم “إسرائيل” ووظائفها.
إنّه زمن المقاومة وعصر انتصاراتها بعد أن أقفل وانتهى عصر الهزائم، ووعد القدس بات قريبا..