لبنان أمام خيارين: الانهيار أو الشروع بإلغاء الطائفية السياسية
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
لم يعد أحد يجرؤ على القول بأنّ لبنان بألف خير، ولم نعد نسمع الكثير عن أن العناية الالهية والدولية والاقليمية تحضن لبنان وتؤمنه وتمول فساد طبقة السياسية لتبقيه في غرفة العناية الفائقة تحت “المنفسة” لأنه حاجة ولأن استقراره رغبة اقليمية دولية.
وعلى افتراض أن احدا ما زال بحاجة للبنان كساحة لتحقيق مقاصد وأهداف في سورية او ضد المقاومة، او فيه لموقعه ومكانته الحاكمة في الشرق العربي، وعلى حدود الكيان الصهيوني الصنيعة المأزوم والشائخ.
فالمشكلة العاصفة والعناصر المفجرة أصبحت فيه هو، وفي توازنات وأوهام طبقته السياسية ونهمها للفساد والهدر وما اعتادت عليه، فلا تستطيع ولن تغير مسلكها، واكبر الشواهد ان وزيرا يقرر من ذاته ومن خارج النصوص والصلاحيات القانونية والدستورية ويكلف الدولة اكثر من 75 مليون دولار بشراء مبنى لإنقاذ مالكيه من الافلاس وجني مبالغ طائلة كعمولات له ولحاشيته، وتكبيد الموازنة المبلغ الفلكي في زمن يطالب رئيس الجمهورية اللبنانيين بإنقاذ لبنان بالتضحية، وفي ايام لم يزل الكلام الكثير الذي قيل عن الموازنة وضبطها وتخفيف الهدر ووقف التوظيف ومد اليد لجيوب المواطنين بمزيد من الضرائب ورفع اسعار الخدمات وصولا الى المحرمات بمد اليد الى صناديق الضمان والادخار وتعويضات الموظفين والعسكريين…
هكذا تبدو الحالة موصوفة من الغربة والانفصال عن الواقع تجري على أعين الجميع في الدولة والطبقة السياسية وفي المجتمع والاعلام والازمة على أشدها والشارع متفجر والدواليب تُحرق في مختلف المناطق والاعتداء على حقوق اللاجئين الفلسطينيين يثير المخيمات ويحركها بصورة دائمة ومستمرة وليس من رادع او جهة توقف وزير العمل عن ارتكابه الموصوف بمخالفة الاصول والقوانين والدستور والاعتداء على الحقوق.
بلدٌ، الكلّ يتحدث فيه عن احتمالات انهياره المالي والاقتصادي، ويتخلى عنه الحاضنون ويتركونه لأزماته يمارس فيه وزراء كهؤلاء الممارسات غير المقبولة وغير المنطقية بل الاستفزازية وبعنجهية، لا يمكن وصف حالته الا انه بات على عتبة الانفجار، او الانهيار وليس من قوة قادرة على وقف التداعي والخراب…
ومن العتمة والمخاطر تبدو بارقة امل وحيدة قد تبعث شيئا من امل ومن حياة في الجسم المهترئ.
فرسالة الرئيس الى المجلس النيابي بما يخص تفسير المادة 95 من الدستور، كمخرج من مشكلة عدم توقيع الموازنة التي افتعلت بذريعة المادة 80 من الموازنة التي أقرت حق الناجحين في المباريات بالتعيين وقد اعترض عليها وزير الخارجية بذريعة عدم المناصفة بالرغم من ان الوظائف المتقدم اليها هي في أدنى سلم رتب الوظائف في لبنان. فمن شان الرسالة ان تفتح ثغرة في الجدار، وتدفع المجلس النيابي – وميزان القوى فيه يمكنه من تفسيرها دستوريا وكما جاءت بالنص “الذي لا يحتاج عمليا لتفسير بل هو يفسر نفسه بنفسه”، فالمناصفة فقط في وظائف الدرجة الاولى ومحكومة بالمداورة، وبما ان النص واضح لجهة اين وفي اي وظائف تكون المناصفة… والمنطقي ان ما بعدها غير مقيد بالمناصفة فالنص على وضوح صياغته مفسر، وعبارة الاخلال بالعيش المشترك لم يقصد بها تثبيت المناصفة في كل وظائف الدولة والا كانت جاءت بالنص.
قد تكون الغلطة سببا في دفع الامور ايجابا، فبعد ان خضت البلاد وتعطلت الحكومة وتبين ان النظام مأزوم والحكم بات مأزوماً وبان الامور لم تعد تصلح لمزيد من المماطلة والتسويف والتعايش مع المحاصصة وفساد وتفرد الوزراء في الصفقات والقرارات، من غير المستبعد ان تؤدي بل يجب ان تصل مناقشات مجلس النواب وتفسير المادة 95 الى وضع الالية والمباشرة في تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية وتطبيق الدستور ووثيقة الوفاق الوطني “الطائف” لجهة قانون انتخاب نيابي على قاعدة النسبية والدائرة الواحدة وتحريره من القيد الطائفي بمقابل انشاء مجلس للشيوخ وانتخابه على اساس الطائفية والمذهبية والصوت المرجح والدائرة الصغرى وبهذا وحده يمكن انقاذ ما تبقى من لبنان والعبور به الى حقبة الاصلاح الوطني الحقيقي والفعلي، فاذا تعثر مجلس النواب، او سبقه الانفجار وعناصره كثيرة واحتمالاته وافرة وبينها تعطيل الحكومة واستنسابية الوزراء للصفقات وللعقود وللقرارات المتفردة موضوعات ومسائل بذاته قد تصبح الشرارة التي ستشعل الحقل اليابس وقد اقترب ايلول وموسم الحرائق.
لبنان، بحسب كل الاوصاف والآراء والمداخلات، يقف على عتبة تحول كبير، فإما ينفجر، او يدخل عصر الاصلاح الحقيقي والعملي من بوابة إلغاء الطائفية السياسية من نظامه.