“إسرائيل” ترفع التأهّب للدرجة القصوى وقيادة جيش الاحتلال تابعت خطاب نصر الله..
إسقاط الطائرات الأمريكيّة ليست صُدفةً.. وتهديدات السيّد جديّةً جدًا.. لمنطقة انتقلت إلى حقبة الطائرات بدون طيّار
زهير أندراوس
هيمنَ خطاب السيد حسن نصر الله، الأمين العّام لحزب الله اللبنانيّ، على الأجندة السياسيّة، الأمنيّة والإعلاميّة في كيان الاحتلال الإسرائيليّ، وانشغلت وسائل الإعلام، بما في ذلك وسائط التواصل الاجتماعيّ بالخطاب وتبعاته وإسقاطاته على الأمن القوميّ للدولة العبريّة، وهل السيّد نصر الله كان صادِقًا في التهديدات التي أطلقها خلال الخطاب ضدّ إسرائيل؟ وفي هذه العُجالة يُمكِن القول والفصل أيضًا إنّ هناك إجماعًا إسرائيليًا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بأنّ تهديدات السيّد نصر الله كانت جادّةً، وأنّه ليس من المُستبعد أنْ يُخرِجها إلى حيّز التنفيذ، وتكفي الإشارة في هذا السياق إلى أنّ جيش الاحتلال الإسرائيليّ، كما أعلن الناطق بلسانه، رفع درجة التأهّب في شمال كيان الاحتلال إلى الدرجة القصوى، تحسبًا لردٍّ قويٍّ من حزب الله.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر، نقل مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أليكس فيشمان، نقل عن مصادر أمنيّةٍ وعسكريّةٍ واسعة الاطلاع في كيان الاحتلال قولها إنّه بعد تحليل الخطاب، بما في ذلك لغة الجسم، توصلّت الجهات ذات الصلة في تل أبيب إلى قناعةٍ تامّةٍ بأنّ تهديد السيّد نصر الله باستهداف الطائرات الإسرائيليّة المُسيَّرة بدون طيّار هو تهديدٌ جديٌّ للغاية، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّه بحسب المعلومات المُتوفرّة لدى الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب، فإنّ حزب الله كان قد حاول في السابق إسقاط طائراتٍ إسرائيليّةٍ مُسيّرةٍ، ولكنّه فشل في ذلك، على حدّ زعم المصادر الأمنيّة في تل أبيب، ومع ذلك، شدّدّت المصادر على أنّ كيان الاحتلال يأخذ بعين الاعتبار نجاح إيران في إسقاط طائرة تجسسٍ أمريكيّةٍ الشهر الماضي، ونجاح جماعة “أنصار الله” في اليمن بإسقاط طائرةٍ أمريكيّةٍ أخرى، حيث أكّدت المصادر في تل أبيب، كما أفادت صحيفة (يديعوت أحرونوت) أنّ إسقاط الطائرات الأمريكيّة هو نذير شؤمٍ وتراجعٍ، على حدّ تعبيرها، مُوضحةً أنّ إسقاط الطائرات الأمريكيّة لم يكُن صُدفةً.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، قال المُستشرِق إيهود يعاري، الذي يعمل مُحلِّلاً للشوؤن العربيّة في القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، قال نقلاً عن مصادره الأمنيّة الخاصّة بالكيان، إنّ الجيش يقوم بمُتابعة الخطاب بشكلٍ جديٍّ للغاية لاستخلاص العبر والنتائج منه، وذكرت المُستشرِقة شيمريت مئير أنّ السيّد نصر الله حاول خلال الخطاب الحفاظ على السكينة ورابطة الجأش، ولكنّه لم يتمكّن من مُواصلة ذلك عندما انتقل للحديث عن الهجوم الإسرائيليّ في كلٍّ من سوريّة وفي الضاحيّة الجنوبيّة في بيروت، وبدت عليه العصبيّة، على حدّ قولها.
عُلاوةً على ذلك، لاحظت المُستشرِقة المذكورة من خلال متابعتها للخطاب أنّ السيّد نصر الله استعان مرّتين على الأقّل في وسائط التواصل الاجتماعيّ، الأمر الذي يؤكّد للمرّة الألف أنّ الرجل يفحص نبض الشارع بعنايةٍ فائقةٍ ويأخذ ما يقوله المُواطنون على محملٍ كبيرٍ من الجدّ، وعليه، أضافت المُستشرِقة الإسرائيليّة مئير بأنّ ما أسمته بالشارع الشيعي كان وما زال مُنقسِمًا على نفسه في قضية التعامل مع العدوان الإسرائيليّ، وبرأيها فإنّ الشارع انقسم إلى فئتين مركزيتين: الأولى، التي طالبت بردٍّ سريعٍ ومؤلمٍ ومُوجعٍ للكيان، والفئة الثانية، التي طالبت السيّد نصر الله بعدم الانجرار وراء الاستفزاز الإسرائيليّ لأنّ الحرب ستعود على لبنان بأمورٍ سلبيّةٍ للغاية، وهذا البلد في غنىً عنها، كما قالت مئير.
في السياق عينه، نقلت الإذاعة العبريّة (كان) عن مسؤولٍ أمنيٍّ إسرائيليٍّ، وصفته بأنّه واسع الاطلاع، نقلت عنه قوله إنّ التخوف في جهاز الأمن الإسرائيليّ هو من أنّ الأحداث في شمال البلاد ستُكثِّف الأنشطة في جبهاتٍ أخرى، وقد تؤدّي إلى تصعيدٍ شاملٍ، إذْ أنّ التقديرات الإسرائيليّة تُشير إلى أنّ إيران وأذرعها ستبحث عن طريقةٍ لتوجيه ضربةٍ لإسرائيل أوْ أهدافٍ إسرائيليّةٍ أخرى في العالم، كما قال المصدر للإذاعة.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، شدّدّ الإعلام العبريّ، الذي ينقل بطبيعة الحال ما يُفكّر فيه صُنّاع القرار في تل أبيب من المُستويين السياسيّ والأمنيّ، شدّدّ على أنّ العملية الإسرائيليّة في الضاحية الجنوبيّة أكّدت أمرين: الأوّل، أنّ زمن الضبابيّة الإسرائيليّة قد ولّى، مع أنّها لم تتحمّل المسؤولية عن هجوم الضاحيّة، والثاني، وهو الأكثر أهميّةً أنّ الشرق الأوسط انتقل عمليًا إلى حقبة الطائرات المُسيّرة بدون طيّار، والتي تُعتبر أداةً مثاليّةً لتنفيذ العمليات الإرهابيّة في منطقة الشرق الأوسط، كما أكّدت المصادر الأمنيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب.