وبولتون إلى نفايات التاريخ… من التالي؟
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
كما توقّعنا وقلنا إنّ ترامب كلّما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية سيمارس لعبته المحبّبة بالانقلاب على رجاله، وقلنا مراراً إن بولتون على رأس لائحته.
ترامب أطاحه بطريقةٍ مذلّةٍ برغم أنّ مستشار الأمن القومي هو المركز الأكثر أهميّة في المؤسسة الامريكية لما له من تأثيرٍ في السياسات وتقرير الاستراتيجيات، وغالب من شغل المنصب انتقل منه إلى وزارة الخارجية وتسلّم المزيد من المهام وتحوّل إلى أحد أركان المؤسسة الحاكمة وفي كل العهود.
بولتون صهيونيٌّ ليكوديٌّ متطرّفٌ عقائديٌّ وغبيٌّ كما تدلّ شخصيّته ونتائج ما شغل من مناصب قياديّة في عهد بوش الابن..
أقحم ترامب في المغامرات الحمقاء، فأوقعه في هزيمةٍ فاقعةٍ مع فنزويلا، وكوريا الشمالية، وورّطه في إيران وفي العلاقة مع روسيا بسبب عقليته العسكريتارية المتخلّفة وغير العارفة بالجاري من التحوّلات وموازين القوى التي فرضتها خسائر وهزائم أمريكا خلال العقود الثلاثة وما أصبحت عليه كلٌّ من الصين وروسيا وإيران من قوة ونوعيات سلاحٍ متقدّمٍ جاوز ما لدى أمريكا وحلفها الأطلسي وأدواته…
وما ذكر من مسائل خلافية أشارت إلى كوريا الشمالية وفنزويلا وإيران وأفغانستان وبقاء القوات الأمريكية في سوريا، بيد أنّ الأمر الأكثر أهميّة هو الانتخابات الأمريكية ويمكننا القول إنّ جوهر الخلاف وأخطر نقاطه فلسطين والصراع العربي الصهيوني، وما تخلّص ترامب من الأكثر تبعيّة لنتنياهو إلّا بسبب الإخفاقات والهزائم المتراكمة في هذا الملف تحديداً.
فعنتريّات نتنياهو برغم أنّ ترامب أهداه الكثير من الأوراق من نقل السفارة إلى تطويب الجولان ووهبه الضفة الغربية وإلزام مشيخات الخليج للهرولة إلى التطبيع والتحالف العلني، لم تفلح ولم تكشف عن جديدٍ في قدرات كيانه على تغيير التوازنات ولم يستطع نتنياهو تأمين نفسه في الانتخابات الاسرائيلية…
الإخفاق في هذا الملف هو السبب المحوريّ لطرد بولتون وقد أذلّت غزة ولبنان نتنياهو، وأذلّت أمريكا نفسها في الخليج بالاحتكاكات مع إيران، ولم يفلح نتنياهو في عراضاته، ولم تلبى شروط ترامب للبقاء في سوريا.
المنطقيّ أنّه بعد بولتون سيتساقط رجال نتنياهو والليكود في إدارة ترامب، ونتنياهو نفسه سيخرج من اللعبة السياسية الإسرائيلية وقد أصبحت المقاومة في لبنان وغزة ناخبا محوريا بعد إسقاط المسيّرات وعملية أفيفيم وذعره في سيديروت…
انقلاب ترامب على رجال الليكود في البيت الأبيض مؤشرٌ قويٌّ على أنّه سيعود في حملته الانتخابية لترميم شعبيته إلى ما بدأ عليه في الانتخابات السابقة من اشتباكٍ مع لوبي العولمة في المؤسسة الامريكية وجلّ قيادته من رجالات المال والسلاح والاعلام وكلّهم من بيئة الليكوديين والايباك…
إقالة بولتون يريدها ترامب دفعة مسبقة للانفتاح على إيران ولإعادة وضع مشروعه أمريكا أوّلاً والانسحابية والامتناع عن دور شرطيّ العالم موضع التطبيق ولها تأثيرات كبيرة على مستقبل السياسات الخارجية الامريكية واتجاهاتها خاصة في العرب والمسلمين وبيئتهم وفي الانكفاء العملي من مهمة حماية الكيان الصهيوني العاجز والقاصر عن خدمة المشروع الامريكي الغربي العدواني..
هنا أسقطت طائرات مسيّرة وكشف رهاب الجيش الإسرائيلي وذعر نتنياهو والمستوطنين، ومن هنا تتغير أمريكا نفسها ويتغير العالم وتوازناته، فلو أن نتنياهو سجّل انتصارات، هل كان ترامب سيتخلى عن رجاله في البيت الأبيض؟
هذا هو عالم المقاومة وعصر انتصاراتها ونتائجه في المسارح العالمية وفي تغيير أمريكا نفسها….