الانتصار السوري في “إدلب”.. والعدوان الصهيوني
د. جمال زهران
بدأت قوات الجيش العربي الأول في سوريا، في تحرير “إدلب”، من قبضة الإرهابيين (داعش والنصر وتوابعهما). فاستطاعت بعد جهد كبير تحرير “خان شيخون” وهي على الطريق لتحرير إدلب بالكامل، وانتهت من تحرير ريف حلب بالكامل والطرق الدولية، وتطويق بقية إدلب من الجنوب والشمال لمحاصرة الإرهابيين لإجبارهم على التسليم والاستسلام أو الانتحار ولا خيار آخر. فهذه المرة فإن الجيش السوري يصر على تحرير أراضي سوريا في إدلب وبالكامل ودون مهادنة أو مساومة. وكما هو واضح كانت قد أعدت الترتيبات بالكامل عسكريًا ومخابراتيًا، وبالتنسيق مع روسيا التي تعاونت بشكل كامل في إتمام هذه الخطوة، بعدما يأست من تنفيذ تركيا لتعهداتها بسحب الإرهابيين إلى أراضيها سلميًا، أكثر من مرة. الأمر الذي جعل تحرير هذه البقعة الغالية من الأراضي السورية، بالقوة العسكرية أمرًا حتميًا، وهو الذي بدأ ولن ينتهي إلا بالتحرير الكامل خلال الأيام القادمة بإذن الله.
إلا أنه قد لوحظ موقفان ذات أهمية بالغة تكشف عن ذلك الإرهاب وداعميه بشكل واضح وضوحًا سافرًا، وهما:-
- تحرك القوات التركية بإرسال مساعدات عسكرية ومادية بسرعة لتزويد الإرهابيين في “إدلب”، لدعمهم، وإبلاغهم برسالة مهمة بأن الدولة التركية معهم وستظل داعمة لهم. إلا أن القوات السورية استطاعت أن تعوق تقدم تحركات هذه القوات التركية وما تحمله عن الوصول إلى الإرهابيين، الأمر الذي جعل سقوط وتفكيك خلايا الإرهاب في إدلب بدءًا من “خان شيخون”، أمرًا سهلاً. ولكن حجم ما يمتلكه هؤلاء الإرهابيون من عتاد، وقدرتهم على الكر والفر، ووجودهم وسط سكان مدنيين، يجعل التخلص منهم هي مسألة وقت لا.. أكثر. في ذات القوات بدأت القوات السورية في فتح جسور آمنة لخروج المدنيين من هذه المناطق تمهيدًا للقضاء على الإرهابيين وسحقهم.
- قيام العدو الصهيوني مساء السبت 24- أغسطس الماضي، بشن غارات على دمشق، واختراق سماء لبنان (المجال الجوي)، لغرب دمشق. الأمر الذي أسفر عن استشهاد وجرح عدد من المواطنين المدنيين في أنحاء دمشق، بينما استطاعت قوات الدفاع السورية صد هذه الهجمات وإسقاط الصواريخ المعادية دون تحقيق أهدافها باستثناء ما انفجر على مقربة من مقام السيدة زينب رضوان الله عليها، بمسافة لا تتعدى الكيلو متر حسبما أعلن رسميًا في سوريا. ومن الواضح إذن أن هذا العدوان الصهيوني على دمشق، وانتهاك المجال الجوي اللبناني، يكشف بوضوح عن إصرار صهيوني على تعكير الصفو بالانتصار السوري على الإرهابيين في إدلب بعد تحرير خان شيخون، والعديد من القرى في إدلب وريف حلب بالكامل. كما أنها سعت وهدفت مثل تركيا، إلى دعم الإرهابيين في إدلب، برفع الروح المعنوية لهم في مواجهتهم للجيش السوري. إلا أن هذه المستهدفات سواء من تركيا وإسرائيل، فاشلة ولم تحقق أهدافها، حيث أن سوريا مصرة إصرارًا كاملاً مدعومة من روسيا بالكامل في تحرير كل التراب السوري.
وقد سبق أن فشلت الاعتداءات الصهيونية – كما فشل العدوان الصهيوني الأخير، في تحقيق أي هدف من أهدافها. بل أن الذي تأكد وهو ما نبهنا إليه كثيرًا ذلك التحالف التركي الصهيوني المدعوم أمريكيًا، ومن بعض دول الإقليم، داعم للإرهاب والإرهابيين بشكل واضح.
لقد استهدف العدوان الصهيوني إعاقة النصر على الإرهابيين في إدلب، وهو لم يحدث ولن يحدث، ونذكر بهذا التلازم بين تحرير حلب، والعدوان الصهيوني آنذاك، وكذلك إبان تحرير الجنوب السوري، وتكرار العدوان الصهيوني آنذاك أيضًا، حتى إبان معارك تحرير الرقة، كان العدوان الصهيوني حاضرًا!! إن أن الغريب في الأمر، إزاء هذا العدوان الصهيوني المتكرر على دمشق خاصة وسوريًا عمومًا، والانتهاك المستمر للمجال الجوي اللبناني وأسفرت المقاومة اللبنانية عن إسقاط طائرتين استطلاع صهيونيتين، أحدهما تحطمت والأخرى سليمة لدى الجيش اللبناني، هو حالة الصمت المريبة إقليميًا ودوليًا. كما أن التنظيم الإقليمي (جامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي) لم يصدر عنها أية إدانة وكذلك الأمم المتحدة، وكذا الاتحاد الأوربي. لاشك أنه الصمت المريب الذي يمكن أن يفسر تفسيرات بلا حدود، ويسهم في كشف ما هو غامض. تحية للشعب السوري وجيشه وقيادته، وتحية للشعب اللبناني، ومقاومته وجيشه.
د. جمال زهـران
القاهرة في: 25/8/2019م