المقاومة اللبنانية.. وحل الصراع
د. جمال زهران
خلال الأسبوعين الماضيين.. وقعت مواجهة محدودة الشكل.. بالغة الآثار، بين المقاومة اللبنانية بقيادة حزب الله، وبين الكيان الصهيوني. وتفجرت على آثارها تساؤلات ضخمة بشأن حاضر ومستقبل الصراع العربي الصهيوني والقضية الفلسطينية.
ومجمل ما حدث أنه قد وردت تحذيرات لإسرائيل على لسان السيد/ حسن نصر الله (الأمين العام لحزب الله اللبناني)، من أي محاولة اعتداء على لبنان وخصوصًا الجنوب، وإلا ستتقابل برد فعل قوي من المقاومة، وفورًا وكالعادة تتظاهر إسرائيل بعدم الاهتمام بكلام السيد/ نصر الله، ويعتبرونه في خطابهم المعلن، كلام تحصيل حاصل يستهدف مغازلة أنصار هذا الحزب ويزيدون بغرس سمومهم في الخطاب بهدف إحداث الوقيعة والفتنة في الصفوف اللبنانية. ولم تسكت إسرائيل وتتجاوز كلمات نصر الله، إلا وقامت إسرائيل بالاعتداء على الجنوب وبطائرتين مسيرتين، تم إطلاقهم من داخل لبنان عبر عملاء إسرائيل. واستطاعت المقاومة التعامل معهم فأسقطت واحدة سليمة أصبحت تحت حوزتهم، والثانية تم تدميرها.
وأطلق نصر الله تحذيراته مرة أخرى، واستعدت إسرائيل لتلقي رد فعل. وفوجئت بعملية المقاومة المسماة “حيميحم” نسبة إلى المعسكر الصهيوني على الحدود اللبنانية، حيث قامت المقاومة باصطياد سيارة مدرعة تحمل ضابطًا إسرائيليًا كبيرًا وعدد من الضباط والجنود، ودمرتها. واتضح أن الضباط الكبير هو رئيس منطقة الحدود الشمالية للكيان الصهيوني مع لبنان، وهو برتبة عقيد، وراح ضحية عملية المقاومة اللبنانية معه ثلاثة من الضباط الصغار وعدد من الجنود، يقال أنهم أربعة، ولم يتبق من راكبي المدرعة أي فرد نهائيًا، فكلهم ماتوا ودمرت المدرعة. وحاولت إسرائيل الفرار من الاعتراف، إلا أن المقاومة اللبنانية قد صدت هذه العملية، وأذاعتها. بل أن القنوات الفضائية اللبنانية انتقلت إلى هناك ونقلت للعالم، خلو المعسكر الصهيوني من الجنود والضباط وأصبح خاليًا!!
إلا أن إسرائيل قامت بغارة هجومية لم تتعد الأماكن الخالية على الحدود اللبنانية، ولم يصب أحد بسوء، لكنها كانت محاولة تليفزيونية من إسرائيل لإثبات الوجود. ولكن الأغرب هو أن إسرائيل هي التي تعلن توقف العمليات من جانبها وتطالب المقاومة اللبنانية بالكف عن ذلك!! إلى درجة إشاعة أن ما تم كان باتفاق بين الطرفين!! وهو تفسير ساذج للغاية.
لكن هذه العملية التي أقدمت عليها المقاومة اللبنانية، تستحق الوقوف عندها. حيث أصبح السيد نصر الله، بحديثه وتحذيراته، محل مصداقية لدى العدو، فإن قال.. فعل، وأن فعل أنجز شيئًا على الأرض، وأن إنجازه هو ضرب الإسرائيليين إلى حد القتل والتدمير. وهو تأكيد على ما يمتلكه من قدرات تسليمية عالية وجنود مقاومين لا يستهان بهم. وقد قال نصر الله إن هم تواجدوا في الجو، فنحن نسيطر على الأرض ونستطيع حمايتها، والانطلاق منها.
كما أن المقاومة اللبنانية لها غطاء شعبي ورسمي داخل لبنان، وكل الرئاسات الثلاث، باركوا عملية المقاومة واستهجنوا العدوان الصهيوني على الأرض اللبنانية، وحذروا من أن أي عدوان صهيوني سيقابل بالدفاع الشرعي عن النفس، بقيادة الجيش اللبناني والمقاومة.
وأمام هذا المشهد، وبالغطاء الإقليمي ممثلاً في سوريا والعراق وإيران، وبالغطاء الدولي ممثلاً في روسيا والصين، فإن معادلات القوة في المنطقة تتغير لصالح القدرة على تحرير بيت المقدس وتحرير فلسطين، وستبدأ المقاومة بإجبار إسرائيل على الرحيل من مزارع شبعا، ومن الجولان، تمهيدًا لتحرير فلسطين من البحر إلى النهار. ولا يجب أن ننسى أن صلاح الدين الأيوبي، قد حرر بيت المقدس عام (1187م)، ثم حرر باقي مدن وبلدان فلسطين. وأرى أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه في ظل معادلات القوة الجديدة في الإقليم وفي النظام العالمي. وتنتصر قوى المقاومة وأرى الانتصار قريبًا للغاية. وختامًا: ما أردت قوله أن عملية المقاومة اللبنانية الأخيرة، هي تأكيد على أن إسرائيل هي العدو الرئيسي، وستظل كذلك إلى أن ترحل كما رحل الاستعمار الغربي من قبل، منذ الحملات الصليبية التي أصرت على الرحيل بفعل المقاومة العربية.
د. جمال زهـران
القاهرة في: 7/9/2019م