د. غالب بو مصلح ضيف التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاومة في لقاء “الأزمة اللبنانية الشاملة وتداعياتها”
استضاف التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة الخبير الاقتصادي د. غالب بو مصلح في لقاء بعنوان: “الأزمة اللبنانية الشاملة وتداعياتها”، بحضور حشد من الشخصيات والفعاليات السياسية والثقافية العربية والإسلامية.
استهل اللقاء الدكتور يحيى غدار أمين عام التجمع مرحباً، معتبراً أنّ المرحلة التي يمرّ بها لبنان في الوضع الراهن تتطلب قراءةً حقيقية واقعية معمّقة للوقوف على حقيقة ما يجري من أزمة في لبنان ومن حولنا.
ولفت الى أن من يرى صورة ما حدث بالأمس والحرائق التي اجتاحت عدداً كبيراً من المناطق اللبنانية، تطالعه ردود الفعل الشعبية في كل المناطق اللبنانية التي عبّرت عن حالة مواطنةٍ حقيقيةٍ بعيدة عن الارتهان الطائفي والمذهبي والمناطقي. كما أن الواضح أن الناس في لحظة الحقيقة ترفعت عن كل الترّهات الطائفية والمذهبية التي يحاول السياسيون إسباغها على الواقع اللبناني، وأثبتت أنّ حل المشكلة ممكنٌ من خلال تطبيق دستور “الطائف” والالتزام بمبدأ تأسيس الهيئة الوطنية العليا لإلغاء الطائفية السياسية.
وأكد الدكتور غدار أن الناس تجاوزوا الدوائر الانتخابية المفروضة عليهم ليتحول البلد كله الى دائرة واحدة وطنية كبرى خارج القيد الطائفي والمناطقي، وهو ما ظهر جليا في سلوكهم وتعاطيهم مع الكارثة الحاصلة… ولذا، ليس على السياسيين إلا تطبيق الدستور بحرفيته (المادة 95) والذي يدعو لتأسيس مجلس شيوخ لحماية المصالح العليا للطوائف، بالاضافة الى أن القانون الانتخابي يجب أن يكون قائماً على الدوائر الكبرى والأهم أن يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية، وهو ما أكده المواطنون اللبنانيون على أرض الواقع في أوقات الشدة…
كما أشار الى أنه طالما بقي هذا النظام الطائفي فلن يكون بالإمكان التوصل الى أيّ حل للأزمات السياسية والمعيشية التي يعاني منها الناس…
وختم د. غدار: “أمام التطور المستمر للأزمة في لبنان وفي حال عجز السياسيون عن إيقاف حالة الانهيار، نتمنى على المقاومة وحلفائها من كل الأطياف والمشارب تحمل مسؤولية السيطرة على الوضع كما تحملتها ودحرت الاحتلال وردعته وقضت على الارهاب، الأمر الذي يجعل من هذا الحلف الجبهة الوحيدة القادرة على إطلاق مسيرة الإصلاح الحقيقي في لبنان، والتي لا تزال مفتوحةً أمام كل الشرفاء الوطنيين الراغبين بتحمل مسؤولياتهم الوطنية وبالتعاون مع المؤسسة العسكرية إحياءً للثلاثية الذهبية (الشعب والجيش والمقاومة) التي تمكنت من إنجاز كل مهمةٍ أنيطت بها حتى الآن… واذا اقتضى الأمر، فقد يتحول إلى حراك شعبي منظمٍ خالٍ من الاختراقات وبشكلٍ جدّي وفاعل بحيث نصل إلى ما نصبو إليه. فنحن في عالم تحكمه شريعة أبشع من شريعة الغاب، ومحور المقاومة دفع أثماناً باهظة مقابل خياراته، ومع ذلك فإن شعوب الدول المقاومة لم تبخل بدفع هذه الأثمان على الرغم من كلّ ما تمرّ به وتعانيه، ففي لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين وغيرها يجمع الناس على ثقافة المقاومة ضدّ كل أشكال الإرهاب الدولي والحصار والعقوبات الظالمة التي تمارسها أمريكا و”إسرائيل” بحق الشعوب المقاومة، وهو ما دأبت إيران على فعله والتصدي بكل قواها للاستكبار العالمي والاستعمار الجديد الخارج عن شرعة حقوق الانسان، فاستطاعت أن ترهب أعداءها وتردعهم وتجبرهم على إعادة النظر في الوضع الإقليمي والدولي، معتبرا أن الرهان الأكبر اليوم هو على الصين وروسيا ومحور المقاومة وأحرار العالم لمواجهة العدوانية الامريكية الصهيونية المدعومة من أدواتهم الرجعية العربية”.
من جانبه، لفت الدكتور غالب بو مصلح إلى أن الأزمة اللبنانية ليست أزمة دولار، بل هي أزمة شاملة لكل الدوائر الاقتصادية والاجتماعية والسياسيةـ وهي نتاج لفشل النظام المالي وسوء السياسات المالية المعمول بها، معتبرا أن سياسة حل الأزمات من خارج البلد عبر القروض والمنح والمؤتمرات، لا يمكن ان يكون حلا استراتيجيا… بل هو مجرد استخدام مؤقت للمهدئات والتي تؤدي الى تفاقم المشكلة على المدى البعيد، فالحل يجب ان يكون من الداخل وهو ما ترفضه الطبقة الحاكمة وترفض الاعتراف بأنّ الأزمة نتاج سياساتهم الخاطئة على مدى سنوات..
وحمّل بومصلح حاكم مصرف لبنان الجزء الأكبر من مسؤولية الحالة التي وصل اليها لبنان، مشيرا الى انه ليس وحده من يحمل كل المسؤولية بل كل أجهزة الدولة، وهو ما اعتدنا معايشته منذ ان أنشئ مصرف لبنان وكان رهينا للقرارات السياسية. ومنذ قدوم الرئيس الحريري الى السلطة على هيئة منقذ بعد دمار شامل استمر سنوات…
وأشار بو مصلح الى أن السياسة النقدية المتبعة كانت تقوم على ربط الليرة بالدولار، والتوهم بثبات سعر صرف الليرة. ولكن تثبيت سعر الصرف يعني ثبات القوة الشرائية لليرة، وبما أن سعر صرف الدولار ليس ثابتاً، أي عائم، فهو يسمح للعملات العالمية بالتذبذب بشكل كبير وهو ما يجري تبعا لحاجة الولايات المتحدة الامريكية… وبعد ربط سعر صرف الليرة بالدولار بات الاقتصاد اللبناني رهينة لحاجات الاقتصاد الأمريكي.
وفيما يتعلق بالبنوك اللبنانية، أشار بو مصلح الى أنها لا تعدو كونها مجموعة مصارف تجارية لا تهتم الا بتكديس الأرباح على حساب خزينة الدولة والمودعين.
وبالحديث عن الموازنة، لفت الدكتور بو مصلح الى ان الموازنة هي بمثابة أيديولوجية النظام والتي توضح تطلعات الطبقة الحاكمة وليس فقط مجموعة من الحسابات، مشيرا الى انها يجب ان تحتوي على آليات مكافحة البطالة وهو الامر الغير موجود، بينما الانفاق الأساسي يكون على وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وقوى الأمن… ففي المواجهة مع المتظاهرين شاهدنا أكثر المعدات تطورا لقمع المتظاهرين، بينما عجزت الدولة عن مكافحة الحرائق التي اجتاحت البلد..
وأكد بومصلح أن مشكلة الدولار كذبة كبيرة، وهي جزء من الفشل الذريع للطبقة الحاكمة في لبنان والتي لم ترتقِ الى المستوى المطلوب.
وأعاد الى الاذهان قصة الإعلان عن هيئة التحقيق الخاصة منذ قرابة 20 سنة والتي كان الهدف منها مراقبة حزب الله والمقاومة عن كثب، لتصبح أموال المقاومة وداعميها مكشوفة علناً…
وختم بو مصلح: “إن ما نشهده اليوم من تردٍ في الأوضاع المعيشية والخدمية والاقتصادية يشير الى قرب الانهيار، فسعر الصرف الحقيقي هو ما نراه في السوق، والمرحلة أقرب الى الانفجار وفي الواقع فانه قرار أمريكي، ونحن يمكننا أن نشتري الوقت ونضاعف الدين العام ونرفع الضرائب والبطالة، ونؤجل الانهيار…
وشهد اللقاء مداخلات لكل من:
- معالي الوزير د. عصام نعمان: منسق عام الحركة الوطنية للتغيير الديمقراطي وعضو مجلس أمناء التجمع
- أ. احسان عطايا: ممثل حركة الجهاد الاسلامي في لبنان وعضو مجلس أمناء التجمع العربي والاسلامي لدعم خيار المقاوم
- أ. محمد قاسم: ممثل المنتدى الدولي لدعم المقاومة ومقارعة الامبريالية
- أ. محمد شري: مدير البرامج السياسية في قناة المنار
- د. فادي لاما: مهندس – الخبير في العلوم الهندسية
- أ. مهدي حرقوص رئيس حركة التلاقي والتواصل في لبنان