لبنان على المفترق الخطر… أيّ الطرق يسلك
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
يقف لبنان على منصةٍ محترقة، وربما سبق السيف العذل، فكم نصحنا وقلنا وكتبنا إنّ البلاد لم تعد تحتمل نظام المحاصصة الطائفية والفساد والافساد والهدر، وإن الامور والعلامات كلها تؤكد أنّه دخل مرحلة الانهيار والإفلاس المالي والاقتصادي، وإفلاسه ليس حدثا عابرا أو نتيجة نقص أو خطأ هنا أو هناك بقدر ما هو نتيجة لما تم نهبه وهدره من قبل طبقة سياسية سيطرت باغتصاب الإرادة الشعبية وفبركة قوانين انتخابية على قياسها ولإعادة انتاجها، ولا ترى في حكومة لبنان إلا بقرة حلوب “تشفط” كل ما فيها وما يأتيها، وقد بددت الطبقة السياسية اكثر من 300 مليار دولار خلال العقود المنصرمة جلّها تحولت من حسابات الخزينة اللبنانية الى خزائنهم وحساباتهم في المصارف وأملاكا ومجوهرات لنسائهم وأنفقت على الاعراس والحفلات بسخاء واستعراض استهلاكي فاجر…
بلغ السيل الزبى ولم يعد يحتمل لبنان وشبابه التهميش والفساد والافقار، والنهب من حسابهم وتركيب الديون الفلكية على أطفالهم والاجيال القادمة، وتفيد الارقام ان كل مولود جديد في لبنان يستحق عليه دين منذ لحظة فتح عينيه أكثر من 25 ألف دولار.
بُحّ الخبراء والمؤسسات والمسؤولون وهم يحذرون ويحذرون ولا من يستجيب أو يسمع ومررت موازنة 2019 تحمل الفقراء المزيد من الاعباء ولم تخجل الطبقة السياسية بمد يدها الى رواتب العسكريين والموظفين المتقاعدين، ومن قبل لأموال البلديات والضمان الاجتماعي، وبددت ونهبت الودائع وتحويلات المغتربين، وعندما لم يتبقَ لها شيء تنهبه قررت أمس تحت ضغط الشارع أن تقدّم خطة إنقاذية، غير أنّ الشارع والشباب الوطني المتحد في المناطق والتظاهرات وقطع الطرقات لم يعد يصدق ذات الاشخاص وذات المسؤولين في وعودهم التي تكررت سنة بعد سنة ولم يحصد منها الشعب اللبناني إلا الريح والفقر والغربة وهجرة الادمغة والمتعلمين بحثا عن فرص عمل.
واليوم، مع استمرار الحراك الشعبي في مختلف المناطق اللبنانية، مطالبا الحكومة والسلطة بالرحيل، يبدو أن هناك حاجة ماسة لقيام الحكومة بتنفيذ إجراءاتها الإصلاحية التي وعدت بها اليوم قبل الغد، وأن تبدأ بإجراء تعديل وزاري يشمل الوزراء المتورطين بملفات الفساد والهدر واستهداف كرامات الناس… وإلّا، فالحل لا يكون إلا بترحيل الحكومة والبحث عن بدائل ربما ما زال أفضلها حكومة إنقاذ وطني لتأمين الوقت اللازم لاحتواء الازمة، عبر التنسيق مع رئيس الجمهورية والقوى الوطنية الشريفة والمؤسسة العسكرية، تكون قادرة على تلبية حاجات الزمن والعصر ومنتجاته وتلبي حاجات الناس بنظام لا طائفي شعبي وغير محاصص له أن يحمي لبنان ووحدته الوطنية ويؤمن استقراره الامني والاجتماعي ليعود فاعلا في بيئته متساوقا فعله مع ما حققته المقاومة من انتصارات ومن تغيير اتجاهات ومسارات الاقليم واحداثه، والمقاومة التي كسرت وهزمت الفساد الكبير الذي تجسّد في الاحتلال الإسرائيلي وحررت لبنان وجروده من الإرهاب وهو أخطر أنواع الفساد، هي قادرة على حماية شعبها والانخراط في حراكه لتصل به إلى ضفة الأمان…
وبالانتظار، فإن على المتظاهرين الاستمرار بتحركهم ولكن بالشكل الذي يضمن استمرار الحياة الطبيعية للناس وعدم الاضرار بمصالحهم، وذلك يكون من خلال الاعتصام في ساحات محددة والامتناع عن قطع الشوارع الذي يسيء للناس ولا يفيد في تصعيد الحراك… ومن جهة أخرى فإن على المتظاهرين التعاون الى اقصى حد مع المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية والالتزام بتعليماتها واجراءاتها التي تهدف الى حمايتهم والحفاظ على حقوقهم وعلى حالة السلم الأهلي، وعدم الوقوع فريسة الاصطدام بهم وهو الامر الذي لا يخدم إلا من يريد الفوضى والدمار للبنان وشعبه.
كما أن من الضرورة بمكان الحفاظ على أعلى درجات السلمية والحيطة والحذر من الاختراق، فأي حراكٍ تدعمه وتشيد به الولايات المتحدة وسفاراتها يتطلب الانتباه من أي محاولة لتغيير المسار وإيقاع الفتنة ونشر الفوضى بغية ضرب المقاومة وتحقيق مصالحها…
البلد على كفّ عفريت والسباق جار بين الاحتواء والإنقاذ أو الانفلات والفوضى واحتمالات عودة السلاح وهيمنة قوى الإرهاب في بعض المناطق والمربعات وذلك يفرض علينا وعلى الحراك التنبه لأي محاولة اختراق يخطط لها..