إيران تتحرر نوويا وتفرض إرادتها
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
وضعت الجمهورية الاسلامية تحذيراتها بما يخصّ التحرر من الاتفاق النووي بالتدرج موضع التنفيذ، بعد أن مزّقه ترامب دفعةً واحدةً، وأنجزت خطوتها الأخيرة بتشغيل أجهزة طردٍ مركزيّ من الأجيال الجديدة “الجيل السادس” وبتشغيل مفاعلاتها النووية جميعها، وباتت في مصاف الدول النووية المتقدمة في هذا المجال، مؤكدةً أنها قادرةٌ وبلغت ذروة العلوم النووية والتقنية وحققت تفوقا في الكثير منها.
لم تكن إيران ولا هي بحاجة لصناعة سلاح نووي، وقد صدرت الفتاوى من كبار علمائها ومشرّعيها الإسلاميين بعدم جواز استخدام هكذا أنواع من أسلحة التدمير الشامل لتعارضها مع قيم الجمهورية وإسلامها، ولم تكن قط بحاجة الى ضوابط من الوكالة الدولية أو من الاتفاق النووي.
وإذا كانت إيران قد قبلت المراقبة الدولية والتزمت كامل بنود الاتفاق بشهادة الخبراء والاختصاصيين فلأنها صادقة بتنفيذ عقودها ووعودها وليس لخوفٍ أو نقص في القدرات والقوة لحماية الاستقلال والسيادة الوطنية…
وعندما وقّعت الاتفاق النووي، فقد وقّعته بعزّةٍ ولم تقبل إملاءات ولا استسلمت لحصارات وضغوط أو تهويل وترهيب إنما لأنها وجدت فيه فرصةً لتخفيف الاحتقانات ولإلزام أمريكا العدوانية بوقف اعتداءاتها وتطاولها ولكشفها على حقائقها ولاختبار الشركاء الآخرين ومعرفة حدود قدرتهم على التحرر من الارتهان للأمريكي.
أما وقد ارتكب ترامب خطيئته بتمزيق الاتفاق، فقد أدارت إيران ملفها النووي كما عادتها بهدوء ودراية وعلى تمهل وربطت خطواتها بالتحرّر منه بالتدرج قاصدةً بأن تضع الاتحاد الاوروبي والشركاء الاقتصاديين والشركاء في التوقيع على الاتفاق والتفاوض، أمام مسؤولياتهم وكلما قصّروا كانت تزيد من الإجراءات، وتلك سياسة محكمة.
إيران أنجزت خطوتها الرابعة وفكت قيود الاتفاق ووضعت الجميع في الزاوية وكشفتهم على عجزهم.
فهل ستعود إيران الى الاتفاق النووي من جديد؟ ربما، فايران ليست من مزّقه إنما هي مارست حقها في الردّ ويمكنها ان تعيد التفاوض لإنجاز اتفاق لصالحها افضل بكثير مما تحصلت عليه في الممزق، وقد أصبحت أقوى وأثبت مع حلفائها، وامريكا وحلفها اضعف بعشرات المرات مما كانته عند التوقيع، فالمواثيق والتسويات والعقود ما هي إلا انعكاس لتوازن القوى في الواقع .
لم تخسر ايران عندما وقّعت الاتفاق وهي كسبت بتمزيقه ولن تمانع من اتفاق يعزز مكانتها وقدراتها النووية اكثر من ذي قبل .