الحراك و14 آذار
ـ شيئاً فشيئاً يتمّ تظهير الحراك الشعبي دون أيّ ردّ فعل عكسي ليتحوّل إلى مجرد امتداد لقوى 14 آذار، فمن جهة يتسامح الحراك بوضوح مع شعاره الشهير «كلن يعني كلن» عندما يتصل الأمر بتكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة جديدة بعدما بدأ أنّ اسقاط حكومته السابقة تمّ بضغط الحراك، ليظهر انّ الضغط كان ويستمرّ ليتمكّن الحريري نفسه من تشكيل حكومة بشروط تناسب 14 آذار ورعاتها الخارجيين، أيّ حكومة انقلاب على نتائج الانتخابات النيابية التي خسرت 14 آذار فيها الأغلبية، ويأتي شعار حكومة تكنوقراط لتلبية هذا الهدف.
ـ يركز الحراك في الحلقة الثانية من المشروع الذي يتمّ توظيفه لتأديته على استهداف رئيس الجمهورية ويثبت بوضوح من منطق الاستهداف ان لا صلة له بنسبة مسؤولية رئيس الجمهورية مقارنة برئيس الحكومة عن الفشل والفساد والهدر وصولاً للانهيار لا بمقارنة الصلاحيات الدستورية ومقارنة فترة وحجم المسؤولية عن السياسات المالية والاقتصادية، ويبدو عنوان الضغط الراهن لتسريع الاستشارات لتسمية الحريري إعلان انتقال الحراك الى أداة لصالح قوى 14 آذار.
ـ لم يعد مفيداً التعامل مع الحراك سياسياً بتفادي المصارحة تحت عذر العفوية فما يجري ليس عفوياً ولا يمرّ على أيّ مواطن طبيعي إلا إذا كان مؤمناً بأنّ رئيس الحكومة حليف ورئيس الجمهورية خصم، وهذا اصطفاف سياسي واع يجب اتخاذ موقف منه بإنصاف على هذا الاساس، فقد سقط شعار «كلن» وظهر كمجرد استعارة لخديعة التحكيم التي نفذها عمرو بن العاص لصالح معاوية يوم سمّي مع أبي موسى الأشعري للتحكيم بشأن الخلافة وتوافقا ان يخلع كلّ منهما موكله أمام الناس وعندما أعلن الأشعري خلع علي بادر عمرو لتثبيت معاوية، وشهير النص يومها أخلع موكلي من الخلافة كما أخلع هذا الخاتم من معصمي، والذي جرى هو دعوة عنوانها تعالوا جميعاً نسقط رؤساءنا وعندما قبل بعض جمهور 8 آذار وجرّوه للمطالبة بسقوط رئيسي الجمهورية ومجلس النواب تراجعوا فوراً عن الدعوة لاسقاط رئيس الحكومة وطالبوا بعودته وتحسين شروطه.
ـ بالحديث عن التحكيم تقول بعض الروايات انّ قبول الأشعري بمساواة علي بمعاوية مستحيل، ولا وعد ابن العاص له بتسميته خليفة يومها، ويجب السؤال عما إذا كان تجرّؤ فريق 14 آذار ناجم عن مجرد قراءة خاطئة او وعود خارجية؟