“إسرائيل”: قوّة حزب الله الأساسيّة الصواريخ الدقيقة القادِرة على ضرب أيّ مكانٍ بالكيان والاحتلال ليس قادرًا على حسم المعركة
زهير أندراوس
في نهاية العدوان الإسرائيليّ على لبنان، صيف العام 2006، انبرى الوزير آنذاك، يستحاق هرتسوغ، وجزم قائلاً إنّ حزب الله، هو أحد أقوى الجيوش في العالم، على حدّ تعبيره، أمّا وزير الأمن الأسبق، المُتطرِّف أفيغدور ليبرمان، فأكّد في مُقابلةٍ صحافيّةٍ على أنّ حزب الله بات الجيش الثاني في الشرق الأوسط، بعد جيش الاحتلال الإسرائيليّ، لافِتًا في الوقت عينه إلى أنّه منذ انتصار الكيان في عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، والذي يُسّمى عربيًا بالـ”نكسة”، لم ينتصِر جيش الاحتلال في أيّ معركةٍ أوْ حربٍ على الإطلاق، علمًا أنّ العدوان الأخير الذي شنّته دولة الاحتلال ضدّ قطاع غزّة في صيف العام 2014 استمرّ 51 يومًا، وهي أطول حربٍ خاضها الكيان منذ تأسيسه في العام 1948، وطبقًا للمصادر الأمنيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب، التي تحدّثت لصحيفة (هآرتس) العبريّة فإنّ الصواريخ التي زاد عددها وتضاعف هي مصدر القوة الأساسيّ لحزب الله، على حدّ تعبيرها.
بالإضافة إلى ذلك، قالت المصادر عينها أنّ الأمين العّام لحزب الله وسيِّد المُقاومة، الشيخ حسن نصر الله، يؤّكد في خطاباته على قدرته للوصول إلى أيّ بُقعةٍ في إسرائيل، أيْ أنّ أيّ مكانٍ في الكيان بات في مرمى صواريخ حزب الله، وإضافة إلى ازدياد مدى الصواريخ التي قد تغطي أيّ مكانٍ في إسرائيل، شدّدّ المصادر نفسها للصحيفة العبريّة، فإنّ الأمر المُقلق هو دقّتها، وهذه الدقّة هي التي دفعت الكيان إلى مُمارسة الضغط الدبلوماسيّ مع الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، وطبعًا بمُساعدة المملكة العربيّة السعوديّة لاشتراط دعم الاقتصاد اللبنانيّ بنزع سلاح حزب الله، الذي يُقِّر قادة إسرائيل بأنّه بات يُشكِّل تهديدًا إستراتيجيًا، وربمّا وجوديًا على الدولة العبريّة، علمًا أنّ تل أبيب دأبت على نشر تقارير مفادها أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة، أقامت مصانع للصواريخ الدقيقة في بلاد الأرز، وهو الأمر الذي نفاه حزب الله.
وبحسب المصادر الأمنيّة، فصحيح أنّ الحديث يدور عن بضعة آلافٍ من هذه الصواريخ الدقيقة، إلّا أنّ هذا أمرًا مُقلقًا، وطبقًا للضباط في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، كتبت (هآرتس) العبريّة، فإنّ حزب الله يعتمِد أيضًا على تجربته التي اكتسبها من الحرب السوريّة، لافتين إلى أنّ وجود الضبّاط الروس والإيرانيين في سوريّة ساعد في تحسين التقنيّة العسكريّة لحزب الله والعمل في أطرٍ تنفيذيّةٍ أكبر تشتمِل على التنسيق بين سلاح الجو والمدرعات والاستخبارات، على حدّ تعبيرهم.
واعترف مُحلل الشؤون العسكريّة في الصحيفة، نقلاً عن المصادر عينها، اعترف بأنّ الجيش الإسرائيليّ لم ينجَح في حسم المعركة أمام عدوٍّ يمتنِع عن أيّ معركةٍ مُباشرةٍ، وضرب ذيله في كلّ فرصةٍ وأطلق الكاتيوشا إلى الجليل حتى اليوم الأخير من الحرب، مُوضحًا أنّ هذه الأمور مُجتمعةً أثارت خيبة أملٍ كبيرةٍ في حكومة الكيان، وفي الرأي العّام بدولة الاحتلال وفي الجيش نفسه. وبرأيه، في السنوات السابقة تعلّمت إسرائيل العديد من الأشياء حول هذه المواجهات، وهناك أسباب للقول إنّ الجيش الإسرائيليّ سيعرف في المرّة القادمة كيف يُواجه التحدي بشكلٍ أفضلٍ، رغم أنّ صعوبة الحسم الكامل ما زالت قائمة، على حدّ تعبيره.
وبرأي المُحلل، الذي أكّد على أنّ تحليله اعتمد على أحاديث مع كبار الضباط، فإنّ حرب لبنان الثانية كانت وما زالت فشلاً مُدويًا، مُشيرًا إلى أنّ إيران أيضًا ساعدت في العقد الأخير في زيادة عدد الصواريخ والقذائف للمنظمة، والتي صل عددها إلى حوالي 130 ألفًا، حسب التقديرات الاستخبارية الإسرائيليّة، وأضاف أنّ الصواريخ الدقيقة التي استهدفت تل أبيب وحيفا ساعدت على ردع نتنياهو الذي كان يفحص الهجوم على إيران.
في السياق عينه، نقل مُحلِّل الشؤون العسكريّة في القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، أور هيلر، عن مصادر عليمةٍ في جيش الاحتلال قولها إنّ مشروع الصواريخ الدقيقة بدأ في العام 2013 تحت غطاء الحرب الأهليّة في سوريّة، حيثُ باشرت إيران بنقل صواريخها الدقيقة إلى سوريّة، وكان الهدف أنْ تصِل هذه الصواريخ إلى محطّتها النهائيّة في لبنان، ولكن، استدرك المُحلِّل زاعِمًا، تمكّنت إسرائيل من القضاء على السواد الأعظم من الصواريخ التي كانت تُنقَل من سوريّة إلى لبنان، ونظرًا لذلك، شدّدّ المُحلِّل في مقالٍ نشره بموقع (Israel Defense) الإسرائيليّ، على أنّ إيران وحزب الله قاما في العام 2016 بمُراجعة ثانيّةٍ للمشروع وتوصلا لنتيجةٍ مفادها أنّه يجب نقل الإنتاج إلى لبنان لحماية الصواريخ الدقيقة من سلاح الجوّ الإسرائيليّ، على حدّ تعبير المصادر التي اعتمد عليها.
وتابع أنّ أحد أسباب الهدوء يتعلّق بالردع المتبادل، ولكنّ إسرائيل تُدرِك كمية الأسلحة التي لدى حزب الله، وقدرته على إطلاق 1500 صاروخ وقذيفة يوميًا على الجبهة الداخليّة، وأنّه يملِك القُدرة على ضرب وإصابة المواقع الإستراتيجيّة (محطّات الطاقة، المواني والمطارات)، وعدم قدرة أجهزة الدفاع ضدّ الصواريخ على توفير الحماية الكاملة للمواطنين، لما في ذلك (مقلاع داود).