المرجعية الدينية في العراق: معركة الإصلاح تخص العراقيين
أعلنت المرجعية الدينية العليا في العراق أن “معركة الإصلاح التي يخوضها الشعب العراقي إنما هي معركة وطنية تخصه وحده، والعراقيون هم من يتحملون اعباءها الثقيلة”، مؤكدة أنه “لا يجوز السماح بأن يتدخل فيها أي طرف خارجي بأي اتجاه، مع أنّ التدخلات الخارجية المتقابلة تنذر بمخاطر كبيرة، بتحويل البلد الى ساحة للصراع وتصفية الحسابات بين قوى دولية واقليمية يكون الخاسر الاكبر فيها هو الشعب.”
وأكدت المرجعية في الخطبة التي ألقاها ممثلها في كربلاء السيد أحمد الصافي الجمعة، “مساندة الاحتجاجات والتأكيد على الالتزام بسلميتها وخلوها من أي شكل من أشكال العنف، وإدانة الاعتداء على المتظاهرين السلميين بالقتل أو الجرح أو الخطف أو الترهيب أو غير ذلك، وأيضاً إدانة الاعتداء على القوات الأمنية والمنشآت الحكومية والممتلكات الخاصة”. هذا وشددت المرجعية أنه “يجب ملاحقة ومحاسبة كل من تورّط في شيء من هذه العمال ـ المحرّمة شرعاً والمخالفة للقانون ـ وفق الاجراءات القضائية ولا يجوز التساهل في ذلك”، لافتاً إلى أن “الحكومة إنما تستمد شرعيتها ـ في غير النظم الاستبدادية وما ماثلها ـ من الشعب، وليس هناك من يمنحها الشرعية غيره، وتتمثل إرادة الشعب في نتيجة الاقتراع السري العام إذا أُجري بصورة عادلة ونزيهة، ومن هنا فإنّ من الأهمية بمكان الإسراع في إقرار قانون منصف للانتخابات يعيد ثقة المواطنين بالعملية الانتخابية ولا يتحيز للأحزاب والتيارات السياسية، ويمنح فرصة حقيقية لتغيير القوى التي حكمت البلد خلال السنوات الماضية اذا أراد الشعب تغييرها واستبدالها بوجوه جديدة”، مضيفاً أنه “يتعين إقرار قانون جديد للمفوضية التي يعهد اليها بالإشراف على إجراء الانتخابات، بحيث يوثق بحيادها ومهنيتها وتحظى بالمصداقية والقبول الشعبي”.
ولفتت المرجعية إلى أنه بالرغم من مضي مدة غير قصيرة على بدء الاحتجاجات الشعبية وسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى والمصابين، “لم يتحقق الى اليوم على أرض الواقع من مطالب المحتجين ما يستحق الاهتمام به، ولا سيما في مجال ملاحقة كبار الفاسدين واسترجاع الاموال المنهوبة منهم والغاء الامتيازات المجحفة الممنوحة لفئات معينة على حساب سائر الشعب والابتعاد عن المحاصصة والمحسوبيات في تولي الدرجات الخاصة ونحوها”، مشيراً إلى أن في “هذا ما يثير الشكوك حول مدى قدرة أو جدية القوى السياسية الحاكمة في تنفيذ مطالب المتظاهرين حتى في حدودها الدنيا، وهو ليس في صالح بناء الثقة بتحقق شيء من الاصلاح الحقيقي على أيديهم”.
وفي السياق، شددت خطبة المرجعية على أن “المواطنين لم يخرجوا الى المظاهرات المطالبة بالإصلاح بهذه الصورة غير المسبوقة ولم يستمروا عليها طوال هذه المدة بكل ما تطلّب ذلك من ثمن فادح وتضحيات جسيمة، إلاّ لأنهم لم يجدوا غيرها طريقاً للخلاص من الفساد المتفاقم يوماً بعد يوم، والخراب المستشري على جميع الأصعدة، بتوافق القوى الحاكمة ـ من مختلف المكونات، حتى أصبح من المتعذر على نسبة كبيرة من المواطنين الحصول على أدنى مستلزمات العيش الكريم بالرغم من الموارد المالية الوافية للبلد”. وانطلاقاً من ذلك، رأت المرجعية أنه “اذا كان من بيدهم السلطة يظنون أنّ بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي بالتسويف والمماطلة فإنهم واهمون، إذ لن يكون ما بعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال”.
المصدر: الفرات نيوز
