مكانة “إسرائيل” تتدهور في أوروبا مع اتسّاع ظاهرة المُقاطعة وطلاب كنديون يطردون وفدًا إسرائيليًا من جامعة “يورك”
زهير أندراوس
في الوقت الذي تقوم فيه العديد من الدول العربيّة وتحديدًا الخليجيّة بالهرولة نحو التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيليّ واستقبال وفودٍ منه والسماح لها بعزف النشيد الوطنيّ الإسرائيليّ، في هذا الوقت بالذات تلقّت الدولة العبريّة صفعةً مُجلجلةً في كندا، التي تربطها مع الحكومة الإسرائيليّة علاقات صداقة وطيدة ومتينة جدًا، وتقوم هذه الدولة بالتصويت لصالح كيان الاحتلال في المحافل الدوليّة بشكلٍ أوتوماتيكيٍّ تقريبًا، مثل الولايات المُتحدّة الأمريكيّة، وبالإضافة إلى ذلك، تبذل دولة الاحتلال جهودًا جبارّةً لمواجهة حملات مقاطعة شرسة تدفع بها دول ومنظمات أوروبية، وتهدف لمقاطعة منتجات المستوطنات والشركات الإسرائيليّة.
ولكن يبدو أنّ الرياح لا تجري كما تشتهي السفن في تل أبيب، فقد ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، نقلاً عن مصادرها في وزارة الخارجيّة الإسرائيليّة، نقلت عنها قولها إنّ طلابًا كنديين في جامعة يورك بولاية تورنتو رفضوا دخول عددٍ من المحاضرين الإسرائيليين لإلقاء محاضراتٍ فيها، على حدّ تعبير المصادر.
وفي تقرير نشره مُراسل الشؤون السياسيّة في الصحيفة إيتمار آيخنر، خرج أعضاء مجموعة “ضباط الاحتياط في الجبهة” ضمن وفدٍ رسميٍّ إسرائيليٍّ في جولة إلى كندا، لإلقاء محاضرات أمام الطلاب اليهود في تلك الجامعة الكندية، لسماع شهاداتهم عمّا يحصل من مواجهات عسكرية في قطاع غزة، وغنيٌّ عن القول شرح وجهة النظر الإسرائيليّة الرسميّة، لأنّ المنظمة التي ينتمون إليها تتعاون بشكلٍ كبيرٍ مع وزارة خارجيّة كيان الاحتلال.
بالإضافة إلى ما ذُكر أعلاه، أشارت المصادر عينها، كما أكّدت الصحيفة العبريّة، أشارت إلى أنّه قبل أيام من تنفيذ هذه الفعالية في الجامعة، بدأت مجموعة من حركة المقاطعة العالمية (بي دي اس) ببذل جهودٍ حثيثةٍ لإلغاء المحاضرة، ومع بدء المحاضرة وصل خمسمائة من المتظاهرين وطالبوا بإلغائها، إذ تمّ استدعاء الشرطة المحلية التي أوقفت بعض المتظاهرين، عقب اندلاع حالة من الاشتباكات والشجارات بين معارضي ومؤيدي كيان الاحتلال الإسرائيليّ.
وفي النهاية، عُقدت المحاضرة، لكن متظاهرين نجحوا في اقتحام القاعة، وصرخوا “من النهر إلى البحر، فلسطين سوف تتحرر”، كما تظاهر المئات خارج الصالة الكبرى في الجامعة”. وبحسب الصحيفة، ارتفعت نسبة الاحتجاجات الكندية على المشاركات الإسرائيلية في الآونة الأخيرة، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في خارجيّة دولة الاحتلال قولهم إنّه أصبح من المُخيف أنْ يتجول الطلاب الإسرائيليون في التجمعات الطلابيّة الكندية، وهذه أحد أهم التحديات التي تواجه الطلاب الإسرائيليين في الخارج، على حدّ تعبير المصادر الرسميّة الرفيعة في تل أبيب.
جدير بالذكر في هذا السياق، أنّ صحيفة (هآرتس) العبريّة كانت قد كشفت النقاب عن أنّ حملة المقاطعة الأوروبيّة على المنتجات الزراعية الإسرائيلية الخاصّة بالمستوطنات، كبدّت اقتصاد كيان الاحتلال خسائر تقدر بستة مليارات دولار في عامي 2013 و 2014.
وأوضحت الصحيفة أنّ هذه الأرقام استندت إلى بياناتٍ رسميةٍ حصلت عليها من مكتب الإحصاء المركزيّ الرسميّ في إسرائيل، وأنّه في حال استمرار المقاطعة الأوروبية فإنّ حجم الخسائر الإسرائيلية للعام الجاري سيصل قرابة 9.5 مليارات دولار، أي أنّ تل أبيب ستخسر في العام الجاري وحده 3.5 مليارات دولار.
ولمواجهة تداعيات المقاطعة الاقتصادية، تحاول السلطات الإسرائيلية تعويض هذه الخسائر بزيادة الصادرات إلى الولايات المتحدة وأسواق أخرى غير الاتحاد الأوروبي، وبزيادة الاستثمارات الأميركية في إسرائيل. وكانت شركة “كي.أل.بي” النرويجية للتأمينات قد سحبت قبل أيام استثمارات من شركتين ألمانيتين لمواد البناء بسبب عملهما في مستوطنات في الضفة الغربية.
وقالت صحيفة (هآرتس) إنّ الشركة النرويجية كشفت في بيان لها أنّ بحوزتها أسهمًا في شركتين بقيمة خمسة ملايين دولار، وأنّها باعت هذه الأسهم وأنهت استثماراتها في الشركتين في مطلع حزيران (يونيو) الحالي، مُشيرةً إلى أنّ الشركة النرويجية تؤمن مستخدمي السلطات المحلية في النرويج ويبلغ حجم رأسمالها 35 مليار دولار.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ قرار الشركة النرويجية هو نوع غير مألوف من مقاطعة أنشطة إسرائيلية في الأراضي المحتلة، إذ إنّ قرارها ليس مقاطعة منتجات المستوطنات ولا الشركات التي تصنعها، وإنمّا مقاطعة شركات دولية لديها علاقات اقتصادية مع شركاتٍ إسرائيليّةٍ، على حدّ تعبيرها.
وخلُصت الصحيفة إلى القول إنّ كيان الاحتلال يخشى جدًا من تداعيات انتشار المُقاطعة في القارّة العجوز من ناحيةٍ اقتصاديّةٍ وسياسيّةٍ، وتحديدًا فيما يتعلّق بالصادرات الإسرائيليّة من المُستوطنات في الضفّة الغربيّة المُحتلّة، كما قالت المصادر الإسرائيليّة.