لبنان والعراق… الأزمة في النظام والبدائل: الفوضى أو الكيّ…
هيئة تحرير موقع التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة
ليست مصادفةً أن تنفجر بيروت وبغداد في آنٍ متزامنٍ، وليس أمراً عابراً أن تجتاح البلدين اضطرابات واسعة وتكون الهتافات وأهداف وقوى الحراك متشابهة، فالسرّ يكمن في طبيعة النظم والطبقات السياسية المهيمنة، كما يتجلى في حجم التآمر الأمريكي واستخدام كلّ الأدوات المتاحة لفرض الأوامر الأمريكية. فأمريكا وهي تنزاح وتضعف قوتها، كعادتها، لا تنسحب إلّا وقد خلفت القتل والدمار والموت والأوبئة، فليس في العقل الأمريكي إلّا القتل، فهي عادتها وما شبّت وتشيب عليه.
والصحيح أيضا أن في لبنان نظام سياسي واجتماعي فاسد موروث من فتن الاستعمار وسياسات “فرّق تسد”، والتفرقة قائمة منذ أن نال استقلاله الشكليّ في تكريس نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية وفي تحوّل كلّ مذهب الى دولة ونظام في الدولة، والطائفة التي اختصرت ببيت، والبيت بورثة… تشكل بيئة حامية للفساد والنهب وتبديد الطاقات المادية والبشرية، واستهلاك الشباب في الحروب او في الهجرة وفي صناديق الانتخابات.
وعلى شاكلة لبنان وما قدّمه من فوائد جمّة للقوى الاستعمارية، سعت امريكا بعد احتلالها لبغداد لاستنساخ ذات النظام وبذات القيم والتقاليد والسياسات، بل أضافت عليه الكونفدرالية المناطقية والاثنية، وحوّلت كل محافظة إلى ولاية لها شبه استقلال وسيادة. ولأن الطائفية والتقسيمات الإدارية المكرّسة بأجهزة وحكومات شبه مستقلة تحوّلت إلى حواضن للإرهاب وللفوضى وللنهب والسرقات والفساد، اتخذ الحراك في العراق أشكالاً ومضامين مختلفة من حراك شوارع واعتصامات الى توليد داعش والارهاب ثم الى انتفاض مستمر منذ 2015 ويشتدّ بعد أن بلغت الأزمة حدّا لا يطاق في عراق الخير والنهرين والنفط والغاز والقوة الاجتماعية الشعبية المشهودة.
سقطت حكومة العراق وقد سبقها سقوط حكومة لبنان، وكلا السقوطين تحت تأثير الحراك لكن بتوقيت وبأوامر أمريكية، فلأمريكا خطة ونهج وسعي لتحقيق مبتغاها الأكثر خطراً ويكمن في قتل الفقراء من الفقراء كي تتوفر فرص هزيمة محور المقاومة في الساحتين، فللهزيمة آثار بنيوية وتأسيسية على إعادة تأسيس الإقليم والعرب.
ولأنّ طبيعة النظامين شبه متطابقة، والحراك وقواه وأسبابه متشابهة، والمؤامرة الامريكية وأدواتها ذاتها، فقد باتت الحقيقة تفرض نفسها.
لن يكون هناك هدوء واستقرار ما لم تتمّ الإطاحة بالنظم من أصلها، فسرطان الطائفية والمذهبية والفساد فتك بالجسد ولا أمل بشفاءٍ أو معالجةٍ إلا بالاستئصال.
آخر الدواء الكيّ، وقد بات الكيّ الدواء الوحيد للبنان والعراق، فمتى تنجز المهمة وبأية كلفة؟ وإن تأخرت كثيراً فالفوضى والمزيد من الأزمات!