Featuredالتحليل اليومي

بيروت – تونس – بغداد ….بلا حكومات ..؟

بين العواصم الثلاث، ألف صلة وصلٍ وأكثر، فبيروت وتونس كانتا في الأزمنة الماضية من أركان امبراطورية قرطاج التي حكمت في العالم القديم، وما زالت التقاليد والثقافة والبنى أكثر تشابهاً وتزيد.

وبين بيروت وبغداد قوس حضارات وزاويتان لمثلثٍ شهدت الأزمنة أنّهما ركناه الأساسيان، وزاويتاه تتقاطعان مع القدس – بيسان، ليكتمل مثلث التسبّب بضمور أو صعود القوى الى الإقليمية والعالمية والعكس، كان فعل بيروت وبغداد.

العواصم الثلاث شهدت كبرى تحولات العرب والاقليم، فبيروت عاشت حربا أهلية مديدة استهلكت كل التدخلات الخارجية، ولم تزل الحرب جمراً تحت الرماد، واستطاعت بيروت إلحاق أول هزيمة بالأطلسي، ثم هزمت وقزّمت الكيان الصهيوني، لكنها لم تشفَ يوماً من وباء المحاصصة الطائفية والمذهبية مترادفةً مع النهب والفساد وبلوغ أزمة الإفلاس وانفكاك أواصر وحدة الطبقة السياسية وأركان الطوائف التي تهدّد بالفوضى والمجاعة.

تونس تلقفت عصر المقاومة والانتصارات، وأشعلت حقل العرب اليابس والقاحل على يد النظم وطبقاتها الحاكمة، وما زال الحريق جمرا، فتتغيّر لتغيّر الاخريات وأضافت في انتخاباتها الرئاسية إنتاج ظاهرة نوعية في تصعيد النخب القومية ونظيفة الكف والدستورية، ولم تنجح في الخروج من دائرة الازمة بتشكيل حكومةٍ تطابق صفات الرئيس وعلى شاكلته.

بغداد أمّ الحضارات والثروات، والسدّ الشديد السطوة في وجه الغزوات التي استهدفت العرب على مرّ الأزمنة، ما زالت تئنّ من ثقل ونتائج الغزو الامريكي لأسوارها، وزاد من أزماتها أن أنتج المحتلّ لها مصيبة النظام الطائفي المحاصص، ولهذا لم ترتح يوما وما زال نزيفها الدموي يعوّض فقر الرافدين من المياه وتستمر بلا حكومة….

ازمات عميقة جارفة تضرب في نظم وجغرافيا العرب، وتحوّلات عاصفة في توازن القوى خلخلت نظاما عالميا وإقليميا ساد لقرنٍ، فتعبّر عن نفسها بعجز الدول الوظيفية التي قامت في خدمة المستعمر عن اتمام عملياتها السياسية بإنتاج حكومات قادرة على تأمين استمرار القديم المتداعي، والامر نفسه في الكيان الصهيوني، فلن يكون حلٌّ بلا تغيير جوهري في الجغرافيا واعادة انتاج نظم تستقيم امورها على حق الامم بوحدتها وتحررها من الاستعمار ودوله الوظيفية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى