كلام هام في مشاركة منسق التجمع في الأردن الرفيق محمد شريف جيوسي
مشاركة منسق التجمع في الأردن الرفيق محمد شريف جيوسي
مارست وسائل الاتصال دوراً مهماً في كشف حقيقة الحركة الصهيونية وتعبيرها التنفيذي الاستعماري إسرائيل لكن هذا الكشف لم يكن في معزل عن استعداد دقيق تراكمي لدى مختلف المجتمعات وبخاصة في الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا ولم يكن ذلك مجرد ولادة منقطعة الجذور
فقد تعبت المجتمعات الغربية من هذا الكيان الذي يستعمر دولها (وليس فلسطين فحسب) ثقافياً وقانونياً ومالياً وعسكرياً وكانت هذه المجتمعات بحاجة لمن يشعل الفتيل أو يعلق الجرس
وفي هذا الصدد لا ينبغي تجاهل عقود من التراكمات دون جدوى حلٍ يريح الغرب من هذا العبء في وقتٍ يمتلك الغرب بما يكفي من الأنظمة العربية والإسلامية التابعة وفي حين لم يعد دور الكيان الإسرائيلي الاستعماري حاسماً في الحاق الدول بما يكفي للغرب، بل أصبح عامل طرد وابتعاد عنه بدليل علاقات دول الخليج الأكثر تبعية لروسيا والصين والمصالحة الإيرانية السعودية، وعودة سوريا للجامعة، ورفض هذه الدول التابعة تنفيذ الرغائب الأمريكية بخصوص النفط وبدليل أن العالم بدأ ينتقد ازدواجية المعايير بين أوكرانيا والقضية الفلسطينية.
بل إن انفتاح بعض دول الخليج على الكيان الإسرائيلي مؤهل لأن يحمل كتفاً عن إسرائيل ويطمئنها والغرب بأنها ليست مستهدفة كوجود وإنما كحل معروض عليها على مدى عقود دون أن يتقدم الكيان الإسرائيلي خطوة واحدة باتجاه الحل بل على العكس.
دون شك لعبت وسائل التواصل في تحريك ما هو تحت السطح: على نحو ما رأينا لكن هذا التحريك اتخذ كثيراً من العشوائية واتخذ مسالك خطيرة فقد نشطت ما يشبه (نظرية) خذلان عربي للقضية الفلسطينية بشكل إطلاقي، دون تمييز بين الغث والثمين فشابه بذلك ما بدت الترويج له فلسطينياً منذ سنة 1974 (يا وحدنا) فالبرنامج المرحلي كان بداية التراجعات المؤدية إلى أوسلو فـ (فلسطنة القضية) بذريعة تخلي الآخرين.
أما في الوقت الراهن فيجري الترويج لذلك في وقتٍ توجد فيه أكثر من مقاومة انتصرت للقضية: لبنانية ويمنية وعراقية فضلاً عن فصائل فلسطينية رغم أنها لم توضع في صورة 7 تشرين الأول لتستعد له وتتوازع الأدوار، وهي العملية التي وقت لها بعد 48 ساعة من العملية الإرهابية التي نُفذت في الكلية الحربية السورية،! وبالتزامن مع ذكرى حرب تشرين وكأنها أتت للتغطية على ذكراها المجيدة.
نقول أن التركيز على التخلي ليس له سوى هدف واحد ولن يقود إلا إلى مصير واحد وتبرير التفريط لاحقاً.
كما أن من عشوائية وسائل التواصل التركيز على غزة، وكأنها أرضٌ من بلاد الواق الواق وليس من فلسطين وشعبها الفلسطيني، وكأن الغزيين ليسوا من فلسطين وشعبها.. التركيز المفرط هذا يحمل بذوراً خطيرة في وقتٍ يجري التعتيم فيه إعلامياً على ما يجري في الضفة الغربية والقدس وفلسطين المحتلة في 1948.
ومن العشوائية أيضاً التركيز بنسبة 80% على حماس، ويساند هذا التركيز الإعلام الغربي غير العفوي، دون الجهد الجماعي الفلسطيني ونحن نعلم جيداً مرجعية حماس الإخوانية وكيف خذلت سوريا التي احتضنتها كفصيلٍ (مقاوم) فإذا هو إخوانيٌ أولاً.. وبغض النظر عن اختلاف ما يُقال بين القادة العسكريين والسياسيين فيها؛ فإن مرجعيتها عن جد الجد (مكتب الإرشاد العالمي الإخواني) ودليله توقيت العملية كما أشرنا وعدم التنسيق مع محور المقاومة، ولا استبعد أن الهدف كان وضع المقاومة اللبنانية وسورية وإيران (في خانة اليك) كما يقال، لكن محاذرتهم ودخول اليمن والعراق أفسد اللعبة.
ومن العشوائية أيضاً القول بأن الكيان الإسرائيلي لم يحقق أهدافه، وكأننا بذلك نعفيه من المسؤولية في وقت أن هدفه الرئيس تنفيذ حرب إبادة شاملة ضد الشعب الفلسطيني وعلى مراحل وليس غزة فحسب.
هذا يعني أن لم تكن هناك جهة ناظمة لوسائل التواصل وإنما كل يضرب على منواله.
إذ ذاك عقول بضرورة أن يأخذ التجمع بالاعتبار وضع استراتيجيةٍ إعلامية تراعي ما يلي:
- التركيز على فلسطينية غزة ومقاومتها
- الشعب العربي وبعض الأنظمة العربية والعالم لم يخذل المقاومة بل انتصر لها
- عدم تجاهل ما يجري في أجزاء فلسطين الأخرى (الضفة والقدس وفلسطين المحتلة 1948)
- عدم المبالغة بأن العدو لم يحقق أهدافه والتركيز على حرب الإبادة الماثلة التي يشنها
- العمل على وضع مرجعية لوسائل التواصل ولعل الاستراتيجية الإعلامية للتجمع تكون هذه المرجعية.
كُتبت في 24 – كانون الثاني – 2024